للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حريمكم وأولادكم إلى أعداء الله ورسوله، فلله درّ فارس ما أجرأه، وسيد بأمور الحرب ما أخبره وأدراه، فلقد زلزل المغل عن مكانهم، وأنزل بهم الويل والثبور، ومن خلفه أولاد أخيه وهم ينادون: يا لثأرات أخينا الذى قتله قطلو شاه حين راح إليه فى الرسلية لأجل الاصطلاح، كما ذكرنا.

ولقد أخبر من حضر هذه الوقعة أن جوان شير غير فى ذلك اليوم عشرة أروس (١) من الخيل. وكلما رجع لأجل تغيير الفرس يتزاحم أصحابه فى الهروب إلى الخيام، فإذا رجع هدر كالأسد فيرجع أصحابه إلى الحرب، ففى أقل من ساعة أخرج المغل من الدربند، فنظر إلى ذلك قطلو شاه فكفر ونحر وعتى وتجبر، ثم حمل بمن معه وكان آخر النهار، ولما رأى جوان شير ذلك، قال لأصحابه:

انقلعوا من بين أيديهم لأن الليل قد أقبل، وأكون أنا خلفكم، فتقلعوا وخرجوا من الدربند، وصاحب المغل [٣٥٧] وراءهم من سائر النواحى، وتبعوهم، وقالوا: لو حمل قطلو شاه من أول النهار ما وقفت العجم ساعة واحدة، وانقطع جوان شير من خلف العجم ومعه جماعته الخواصّ، ورأى ذلك أمير حاج بن ناجى مقدم اللكزية من رأس الدربند وقال: والله ما بقى تقوم لهم قائمة، وروحوا بنا فى رءوس الجبال. وأما المغل فإنهم لا زالوا خلف العجم إلى دخول الليل، ورجعوا إلى قطلو شاه، وكان نازلا فى رأس الدربند من داخل، وقالوا له: إنا لم نزل سعيا وراء العجم حتى أظلم علينا الليل، ففرح قطلو شاه فرحا عظيما، وقال: إلى أين تذهبون؟ والله لا أبقى منهم أحدا لا صغيرا ولا كبيرا.

ثم إنه بات مكانه فى تلك الليلة إلى الصباح، فلما أصبح ركب وسار يطلب كيلان وبلادها، فنظر إلى المدينة وإلى رستاقها وما فيها من الأموال والخيل


(١) أروس: رأس - رؤوس - انظر المصطلحات المعمارية فى الوثائق المملوكية ص ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>