للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزوجت امرأتي لغيري، فرد عليه مهنا يقول له: ما اخترنا غيرك، ولكن لما رأيناك قد قصرت في الطلب زوجناها لغيرك، لأن المرأة لا تبقى بلا زوج، فبقي ذلك في قلب عميرة.

ثم في يوم من الأيام جاءه بعض عبيده وقال له: يا مولاي، إن ثابتًا قد نزل على جُنِيجْل - اسم موضع - وهو غوطة، فقام وركب بأربعمائة فارس، وسار وكبس على ثابت وكان معه أربعة آلاف بدوي، فهرب كلهم وهرب ثابت أيضًا، وتبعه هلال بن عثمان وأدركه، فقال له: يا هلال أنا في جيرتك. فقال له: قد أجرتك، وإذا بعميرة قد أدركه، فقال له هلال: يا أبا أحمد أجرتُه اليوم، فقال له: لا تفعل. فقال: قد كان ذلك، فقال عميرة لثابت: أغدوة يا طنجير، عليك يوم غيره، فولي ثابت وهو لا يصدق بالنجاة، وأخذ عميرة من بيته عشرة آلاف جمل، وكانت امرأته عند مهنا، فلو كانت حاضرة لأخذها.

وسمع نائب دمشق هذه القضية، وهو الأمير جمال الدين الأفرم، فسيّر إلى عميرة يقول له: أحضر عندنا حتى نعرف حقيقة هذه القضية، فأرسل عميرة ولده أحمد ومعه نوق وجمال وخيول، وقال له: يا أمير، أنت ما تعرف ما بيننا، ونحن عرب يوم لنا ويوم علينا، وبيننا مؤاخذات وتارات، فلما وصل أحمد مسكه النائب، ورسَّم عليه في الزردخانة (١)، وأقام هناك أيامًا، ثم أخرجه.

فبقى عميرة لا يدخل دمشق، ورحل من منزله ذلك.

وجاء ثابت إلى نائب الشام، وقال له: يا مولاي، أنت نائب دمشق وعميرة يأخذ جمالى من تحت كنفك.

ثم إنه (٢) خلع على أحمد بن عميرة وسيره إلى أبيه، وقال له: لأجلى ردّ على ثابت


(١) الزردخاناه: كلمة فارسية مركبة تعني دار السلاح، كما تعني أيضًا السجن المخصص للمجرمين من الأمراء وأصحاب الرتب، صبح الأعشى ٤/ ١١، Dozy: Supp. Dict.Ar
(٢) المقصود نائب الشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>