للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جماله، فلما حضر إلى أبيه وبَلَّغه ما قال له نائب الشام، قال: ترد عليه جماله لأجل خاطر نائب الشام، ولكن لا يعود ينزل أرضًا ننزل فيه، ولا يقر بها، فرد عليه خَمْسة آلاف جمل. فقال: وأين الباقي؟ قال: نهبتها العربان والبعض مات. وبقى في قلب عميرة من مهنا نار.

ثم إن مهنا أرسل ابنه موسى (١) إلى مصر بالتقادم للسلطان، وهي شيء كثير من الخيل والجمال وغير ذلك، فسأله السلطان عن أبيه فقال: هو معزول. فقال: مَنْ عزله؟ فقال: كيت وكيت وأخبر بجميع ما جرى، فاغتاظ (٢) السلطان، ثم شرع موسى يذكر أن قصاد عميرة لا ينقطعون عن التتار وأنه مائل إليهم، فعند ذلك أمر السلطان أن يكتب كتاب إلى نائب الشام بطلبه (٣)، فقال الأمير سلار نائب السلطان: فأيّ وقت طلبناه يهرب، ولكن أمراء العرب يحضرون في هذه الأيام بالتقادم، وأظن أنه يحضر معهم، فإذا حضر نمسكه بلا تعب، واتفق أنه حضر ومعه تقدمة هائلة، فأمر السلطان بالقبض عليه، وحُبس في البرج، فهرب العرب والعبيد الذين كانوا معه، ووصلوا إلى أبياته وأعلموا ولده أحمد بذلك، فرحل من غوطة دمشق وسار إلى حلب، فأقام بها أيامًا، ثم بلغه أن عميرة مات في الحبس، فرحل وطلب بلاد الشرق، ونزل على بلد الموصل وتقدم إلى نوين (٤) الذي بها، وكان يسمى إيْليا حميش وتدرَّك بحران، ففرح إيْليا حميش بذلك ووعده بكل جميل، فخلى أبياته وعبر إلى الشام، وأغار على تدمر وأخذ من حولها أغنامًا كثيرة وألفي جمل، ورجع بها طالبًا الشرق، وهو يقول: خرجنا من بلاد الإسلام وكذلك من الدين، سوف يَعْلم مهنا من هو غريمه.


(١) هو: موسى بن مهنا، الأمير مظفر الدين، أمير آل فضل وابن أميرها، توفي سنة ٧٤٢ هـ/ ١٣٤١ م، المنهل الصافي ١١/ ٣١٢ رقم ٢٥٨٠.
(٢) فاغتاض: في الأصل.
(٣) المقصود طلب عميرة، ينظر ما يلي.
(٤) النوين: لفظ فارسي، ويستخدم كلقب لنواب ملك التتار، وكبار قادته، صبح الأعشى ٤/ ٤٢٣، ٦/ ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>