ثم إنه سَيَّر إلى مهنا يقول مع بعض العربان: والله، يا طنجير لأقصدنك ولو كنت في تخوم الأرض، فالذي يكون ملك يهرب إذا سمع أنني قاصده، فإذا جمع الله بيننا نعرف ذلك الوقت من يصلح للإمرة، ثم اشتغل بالغارات في بلاد عانة والحديثة أيامًا، ثم رجع وقال: هذه النَّوْبَة ما أقصد إلا مهنا أينما كان.
وكان جواسيس مهنا في سنجار وأعلموه، وقالوا: ابنُ عميرة قاصد إليك في ألف فارس، وكان قد رجع من البريّة إلى قريب الرحبة، فرحل ورجع طالبًا تدمر، ولم يزل سائرًا حتى نزل أرض تدمر.
وأما ابن عميرة فإنه لحق العرب من خلف مهنا وأخذ منهم ألف جمل، وأخذ المغالي التي لمهنا وكانت خمسين جارية، وعاد طالبًا بلاده، وهو فرحان بذلك، ومعه جماعة من خدم مهنا عبيد وجوارٍ، فكتب كتابًا إلى مهنا، وفيه هذه الأبيات:
ألا مخبرًا عنّي صبيحًا وسالمًا … وموسى وسلمانًا وعمرًا وفائِد
بفضل بن عيسى مع مهنا وآله … وأولاده إني لها غير عائِد
قصدنا كموا في كل شهم غضنفر … جَسُور إذا صار الغبار يعاقد
على كل زياف من الخيل أعْضبٍ … سليل من الخيل العتاق المكابد
فيا ملك الأعراب يا مير أهله … إذا كنت في الكرام معاند
وأنت ذليل لا ترد طريدة … تفر إذا عاينت ليثًا لمجالدي
أنا ابن عروس الخيل أحمد فارس … بضرب اليمانيات كم لي عوائدي