للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الراوي: وسلم الكتاب إلى عبد من عبيد مهنا، فرجع إليه بالكتاب، فقرأه مهنا وأوقف عليه إخوته، وقال لهم: ما أفعل؟ فقالوا له: اركب إليه واطلبه حيثما كان ولا تبقى تحت الذل والهوان

ثم إن ابن عميرة حضر إلى خرْبَندا وهو على ظاهر تبريز ومعه ألفا جملٍ وعشرون رأسًا من الخيل، فأكرمه خربندا وأحسن إليه، وحكى لخربندا جميع ما جرى عليه، فقال له خربندا: طيّب خاطرك فلك كل ما تريد، فقال: يا مولاي، مكنِّي من عشرة آلاف فارس حتى أخرب لك الشام. فقال: كيف تعمل؟ فقال: أواظب على الغارة ليلًا ونهارًا. فقال خربندا: أما تخاف من العساكر؟ فقال: يا مولاي، والله إن [البلاد] (١) سائبة، وحال الأجناد ضعيف، ولو أنك توجهت إليها لأخذتها من غير حرب.

فلما سمع خربندا هذا الكلام منه فرح وخلع عليه، وَوَعده بأن يقدمه على عشرة آلاف فارس، ثم طلبه بعد أيام وولاه حاكمًا على جيش العراق وديار بكر، وقال لهم: لا تخالفوه إن طلبكم ليلًا أو نهارًا، فأجابوه بالسمع والطاعة.

قال لخربندا: أعطني دستورًا حتى أروح وأجمع عرباني، ولا يدري بنا أحد إلا وقد أغرت على أطراف الشام لأنهم آمنون من جهتي، فأذن له، وخرج في الليل من غير أن يعلم به أحد، وطلب أمراء العرب وكبار عشيرته وأخبرهم بخبره وما فعل به خريندا من الخير وما وعد له، فأجابوا له.

ثم سار معهم يطلب بلاد الرحبة (٢)، فنزل على منهل من المناهل يقال له: المقرون، [وإذ] (٣) قد طلع غبارٌ، فقال لمن معه: استفيقوا، وكان (٤) أكثر من ألف وخمسمائة فارس، وانكشف الغبار عن خمسمائة فارس مقدمهم يسمى عبد الرحمن، وكان


(١) البلا: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٢) الرحبة: على شاطئ الفرات، بين الرقة وبغداد، معجم البلدان.
(٣) وإذا: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٤) المقصود "وكان الغبار"، ينظر ما يلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>