للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فارس يقدمهم جمال الدين بن قرا على، ولما اجتمع الجميع قالت الأمراء: نُعدى من البيرة، ثم نسير إلى سُروج، فإن رأينا أثر العدو تبعناه، فقال لهم عبد الرحمن: إن كان لكم غرض في خلاص ما أخذه [سوتاي] (١) اللعين من الغنائم وحريم التركمان وأولادهم وغير ذلك فاسمعوا مني، فقالوا: ها نحن نتبعك فيما تريد، فرحلوا، وعبد الرحمن أمامهم وهو ينشد:

أيا قلب دع ذكر الغوير ونعمان … وعَيش تَقَضّى مع سراةٍ وغلمان

ودع ذكر سُعْدى والرباب وزينب … وهندٍ وسلمَى في اثيل وكثبان

وساروا إلى أن عدوا من الفرات إلى أن نزلوا على جُبَ يُسمَّى أمّ جرن، فرووا خيولهم وعلقوا عليها واستراحوا وأراحوا، ثم رحلوا في الثلث الأخير إلى الصبح، فنزلوا على البليخ (٢)، فتقدم عبد الرحمن إلى قرا سنقر وقال له: يا مولاي، ما للعدوّ طريق إلا من هاهنا، فكونوا مكانكم حتى أسير وأكشف لكم طريق حران وأعود، فقال له قرا سنقر: اذهب واحترس، فركب ومعه سليمان وعشرون فارسًا، وساروا آخذين ناحية حران وكشفوا، فإذا هم قد نزلوا على حران، ثم رحلوا منها طالبين ناحية المشهد وعَين الذّهب، فعلم عبد الرحمن أنهم سائرون إلى البليخ، فلم يزل يشارفهم وهو [على] (٣) رؤوس الجبال والتلال، وكلما طلعوا من شعب عبر هو من غيره إلى المساء، ثم نزل اللعين على عين الذهب لأن معهم ثقل كثير لا يقدرون على الاستعجال.

فلما نزلوا واستقروا وجاء عليهم الليل، قال عبد الرحمن لأصحابه: إنا قد جئنا لكشف الأخبار، فلا يتم ذلك إلا بأخذ أحد منهم نذهب [به] (٤) إلى الأمير قرا سنقر ليأخذ منه الخبر الصحيح، فقالوا له: صدقت، ثم قاموا ونزلوا على تل عال، ثم نزل


(١) سوتان: في الأصل، والتصويب مما سبق.
(٢) البليخ: اسم نهر بالرقة، معجم البلدان.
(٣) إضافة تتفق مع السياق.
(٤) إضافة تتفق مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>