للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرا سنقر صاحب حلب ويجري بيننا وبينه أحس مما جرى على سوتاي، فقالوا له: افعل ما تريد، وكان فيه من المكر والخيل والخداع ما لا يوصف، فلذلك نزل على قلعة البطرسية وأرسل إلى صاحب سيس وطلبه، ثم أرسل قاصده أيضًا إلى قرا سنقر وقال له: إني قد عولت على خراب سيس وأُقيل التكفور، ثم آجئ إليك لأتمثل بين يدي السلطان وأدخل تحت طاعته، غير أني خائف فأريد أن تطلب لي أمان السلطان يكون بيدي.

ولما ذهب رسوله إلى حلب حضر صاحب سيس عنده، فتلقاه قازان جوق بأحسن ملتقى وتيقن إليه، ففرح بذلك صاحب سيس وزال عنه ما كان في قلبه من الخوف، ثم قدم له ما كان معه من التقادم، ثم التفت قازان جوق ورأى خلف صاحب سيس أخاه قرياقس، وكان معه خمسمائة من الأرمن، وكلهم واقفون، وكان وصاه صاحب سيس أن لا يجلس مع التتار وأن يكون على يقظة منهم، [فقال] (١) قازان جوق الصاحب سيس: قل لأخيك وأصحابه يقعدون.

فقال: لا يمكن ذلك لأنكم أضياف ونُريد أن نكون كلنا في خدمتك، ولم يزالوا في ذلك اليوم في الشرب والملاهي إلى الليل.

ولما جاء الليل أمنت الأرمن إلى التتار لأنهم رأوا منهم بشاشة وخدمة، ثم قام قازان جوق وأخذ بيد قرياقس وأجلسه إلى جانبه وملأ كأسًا وناوله إياه، وأقسم عليه بأن لا يقوم، جلس واختلطت الأرمن بالمغل، فشربوا إلى أن ولّى أكثر الليل.

وكان قازان جوق اتفق مع المغل أنهم إذا رأوه أجلس قرياقس بحذاه، فيختلطون هم بالأرمن، وإذا رأوه قتل صاحب السيس يسرعون هم بالقتل في الأرمن، ثم بقى قازان جوق ينتظر غفلة من صاحب سيس، وإذا بقرياقس قد خرج ليقضي حاجته، فاغتنم قازان جوق وجذب سيفه وضرب رقبة صاحب سيس وأفصلها عن بدنه، فوقع الصياح


(١) فقال له: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>