للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروم يطلبون بلادهم كل وقت ويشوشون عليهم، والقصد أن تكون بلادهم تحت حكم الملك، فالذي يعطون لهم ولغيرهم من حكام الشام يُعطون للملك خَرْبنْدا، فكتب له خربندا يَزْلَق (١) بأن لا يحكم عليهم أحد من حكام الروم ولا يعترض إليهم أحد، وإذا دهمهم عدو يركب عسكر الروم إليهم ويُساعدونهم، ثم خلع على هَريُنْد (٢)، فلما وصل إلى سيواس سمع [بما] (٣) جرى على أخويه وبما حصل للبلاد من التشويش، وأسرع في الرواح حتى وصل إلى سيس، فرآهم في حالة عجيبة، ثم جمع أمراء الأرمن وأكابرهم والقسيسين والرهبان وقرأ عليهم يزلق خرْبندا وتشاوروا فيما بينهم، فكل واحد رأى برأي، فقال هَريُنْد: يا قوم اعلموا إن بلادنا ما يخربها إلا الشام، ولا سيما الذي جرى في هذا الوقت من أخذ رسول قرا سنقر، وهو الذي مسكه قازان جوق وتأخير الحمل المقرر علينا ولا نأمن من إغارتهم علينا ويخربون بلادنا ونخسر من الجهتين، فملكُنا قد راح وتخرب بلادنا أيضًا، فقالت الأرمن جميعهم: اعمل بما ترى فيه من المصلحة لأنك اليوم ملكنا والأمر أمرك.

وكان هَريند رجلًا عاقلًا، ففي الحال كتب كتابًا إلى قرا سنقر يُعلمه بصورة ما جرى عليهم من أوله إلى آخره، وذكر فيه:

إنا نحن عبيدكم في هذه البلاد ونوابكم، والأمر أمركم، وقد كنا في تجهيز الحمل المقرر علينا، فجرى ما جرى حتى تأخر الحمل، ولا نأمن من شرهم، وربما يرجعون إلينا، فإن جاءوا إلينا فاكتشفوهم عنا لأن البلاد بلادكم وإلا أخليناها لكم والأمر أمركم.

فأرسل كتابه مع [مهمندار] (٤) سيس يقال له: عيسى، ووصوا لعيسى أيضًا أن


(١) يزلق: مرسوم.
(٢) هرنيد: في الأصل، والتصويب مما سبق.
(٣) إضافة تتفق مع السياق.
(٤) مهماندار: في الأصل، والتصويب من صبح الأعشى.
والمهمندار: فارسي مركب، وصاحب هذه الوظيفة يقوم بلقاء الرسل الواردين على السلطان، وينزلهم دار الضيافة، ويتحدث في القيام بأمرهم، صبح الأعشى ٥/ ٤٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>