للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلعة، ودارت الأمراء مع سلار وبيبرس حول القلعة.

وكان لسلار أخ يُقَال له: سُمُك، وهو أعرج، شيطان، عريض الأكتاف، فساق هو وجماعة من مماليك سلار وأخوته إلى اصطبل السلطان وأخذوا كل ما فيه من الخيل، وطلع السلطان إلى الطارمة (١) وأخرج رأسه لينظر، فرماه سُمُك بسهم كاد أن يصيبه، فعند ذلك تقدمت مماليك السلطان ورموا، وسُمُك أيضًا رمي بمن معه، فعظم الأمر، وقتل من مماليك السلطان جماعة، وطلب مماليك السلطان أن يفتحوا باب القلعة وينزلوا، فمنعهم السلطان، وقال: لا يخرج أحدٌ، فجميع الأمراء مع سلار والدنيا منقلبة علينا، ودام الحصار على القلعة ثلاثة أيام.

ثم اجتمعت فقهاء مصر وقضاتها وصلحاؤها، وقالوا لسلار وبيبرس: هذا ما يحل لكم من الله تعالى أن تعملوا مع ابن أستاذكم هذا، ارجعوا إلى الله تعالى، فقال سلار: يا قوم نحن معذورون وهو الذي يطلب هلاكنا، وحققنا ذلك، من غير جريمة جرت منّا، ثم طلعوا عند السلطان، فرحب بهم السلطان وقالوا له: سألناك بالله أن تحقن دماء المسلمين. فقال: ما جرى مِني، هم الذين حاصروني وأخرقوا بناموسي وضيعوا ما كان بيني وبينهم، فقالوا: هم قالوا: إنك قد طلبت هلاكهم. فقال السلطان: هذا ليس بصحيح وإلا فتقولون لي مَنْ قال هذا القول؟ فقالوا: ما قال إلا الأمير بكتمر الجوكندار، فقال ما عندي من هذا علم فأنكر.

ثم لم [يزل] (٢) هؤلاء بينهم حتى أنهم اتفقوا على أن يُخرجوا الجوكندار من مصر إلى الشام والمماليك الذين كانوا سبب هذه الفتنة، فوافقهم السلطان على ذلك، لأنه رأى من نفسه عجزًا وتقصيرًا في دفع هذا الشر، فأخرجوا الأمير بكتمر إلى قلعة صفد، وفرقوا هؤلاء المماليك من حول السلطان، ثم حلف السلطان أنه لا يسمع فيهم كلام أحد من


(١) الطارمة: بيت من خشب يبنى سقفه على هيئة قبة، معد لجلوس السلطان، معرب عن تارم، معجم الألفاظ الفارسية المعربة ١١٢.
(٢) يزال: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>