للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المملوك محمد بن قلاوون يقبل اليد العالية المولوية السلطانية المظفرية، أسبغ الله ظلها ورفع قدرها ومحلها، وينهي بعد رفع دُعائه وخالص ولائه وعبوديته وثنائه أنه وصل إلَىَّ المملوك نغيه ومغلطاي وجماعة مماليك، فلما علم المملوك بوصولهم أغلق باب القلعة ولم يُمكن أحدًا منهم يعبر إليه، وسَيَّرت إليهم ألومهم على ما فعلوه، وقد دخلوا على المملوك بأن يبعث ويشفع فيهم، فأخذ المملوك في تجهيز تقدمة لمولانا السلطان ويشفع فيهم، والذي يحيط به علم مولانا السلطان أن هؤلاء من مماليك السلطان - خلد الله ملكهـ - وأن الذي قيل عنهم غير صحيح، وإنما هربوا خوفًا على أنفسهم وقد استجاروا بالمملوك، والمملوك مستجير بظل الدولة المظفرية (١) أن لا يخيبه في سؤاله، ولا يكسر قلبه، ولا يرد ما قصده، بل يُسَير لهم أمانًا ومناشير إقطاعاتهم بزيادة عليها، ويكون ذلك من جملة صدقات الدولة المظفرية والمراحم الأعظمية، وفي هذه الأيام يجهز المملوك تقدمته مع المماليك الذين طلبهم مولانا السلطان، وأنا مالي حاجة بالمماليك في هذا المكان، وإن رسم مولانا، مالك الرق، أن يسير إلى القلعة نائبًا له وينزل المملوك ويلتجئ بالدولة المظفرية ويحلق رأسه ويقعد في تربة الملك [المنصور] (٢)، والمملوك قد وطن نفسه على مثل هذا، وقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: ما أقرب الراحة من التعب، والبؤس من النعم، والموت من الحياة، وقد قال بعضهم: إياك وما يسخط سلطانك ويُوحش إخوانك، فمن أسخط سلطانه فقد تعرض للمنية ومن أوحش إخوانه تبرأ عن الحرية، لا تُحاجج سلطانك ولا تُلاجج إخوانك، والمملوك يسأل كريم العفو والصفح الجميل، والله تعالى قال في كتابه الكريم، وهو أصدق القائلين: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (٣). والمملوك ينتظر الأمان والجواب، أنهى المملوك ذلك والرأي العالى أعلاه (٤).


(١) والمراحم الأعظمية، وفي هذه الأيام يجهز المملوك: في الأصل، ومشطوب عليه، وهي سبق نظر من الناسخ، ينظر ما يلي.
(٢) الناصر: في الأصل، وهو خطأ، فالخطاب على لسان الملك الناصر.
(٣) جزء من الآية ١٣٤ من سورة آل عمران رقم ٣.
(٤) ينظر نص الكتاب في النجوم الزاهرة ٨/ ٢٥٦ - ٢٥٧، حيث يوجد اختلاف في بعض الألفاظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>