للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوروه على لسان قراسنقر، وأنا أعرف أن ما في مصر مَنْ يخرج إليك ولو كنت على الصالحية.

قال الراوي: فطلب السلطان مملوك قراسنقر، فقال له: مَنْ أعطاك هذا الكتاب؟ فقال: أعطاني الأمير شمس الدين من يده إلى يدي، ثم كتب جوابه لقراسنقر يقول: إني تأخرت من بعد ما كنت وصلت لأجل كتابك، فأريد من الأمير أن يجهز لي قصاده الذين أتوه بهذا الخبر من مصر، وكتب أيضًا كتابًا لقفجق، وكتابًا الأسندمر يعلمهم بتأخيره، وطلب مملوك قراسنقر، وقال له: سر مع مملوكي إليه فضم إليه مملوكًا يقال له: أقطاي، وأرسل معهما نجابًا وقال: سر بهما غير الطريق.

وركب الملك الناصر من أرحاب، وخلى ثقله وأكثر الغلمان، وسار مسرعًا إلى أن أشرف على الكرك، فلما رآها وما عليها أحد شكر الله تعالى، ولم يطمئن قلبه حتى أنه دخل إلى القلعة، وبعد يومين وصل الثقل والغلمان، وكذلك الأمراء الذين كانوا معه، ونزلوا على ظاهر الكرك وفي قلوبهم نار، ولا سيما نغيه، وكان بعد أن سار السلطان إلى الكرك، قال نغيه للأمراء: يا أمراء هذا الصبي ما يجيء منه شيع، وإن جاءنا أحد من مصر لا غنى لي أن أعمل شيئًا تتحدث به الناس، فإذا غُلبت كل الغلبة أخرج من بينهم على حمية، وأطلب البر والقفار، وأسكن رؤوس الجبال، وأخرب البلاد بتواتر الغارات، ولا أسلم روحي إلى من يسوقني سوق البقر إلى المنحر، فحلف الأمراء كلهم معه على ما يحب ويختار، وما استقر نزولوهم على الكرك حتى سير السلطان فطلبهم، فجاءوا وباسوا الأرض، فقال لهم السلطان: يا أمراء قد أنكرتم علىّ لأجل رواحي وردودي، وكان في ذلك مصلحة، وجاءني الخبر بأن المظفر قد نفق في الناس، وأن ديار مصر مُخَبَّطَة.

فبينما هو في هذا الحديث [إذ] (١) قد دخل أرغون وقال: يا خوند، قد وصل طرنطاي الأشرفي ومعه عشرون مملوكًا، فقال: أحضرهم، فلما حضروا قبلوا الأرض، فقال السلطان: يا طرنطاي ما أخبار مصر؟ فقال: يا خوند، أما ديار مصر فإنها


(١) إذا: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>