للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخبطة، فناس كانوا يقولون: الملك الناصر ملك دمشق، وناس يقولون: راح إلى حلب، وناس يقولون غير ذلك، فكثر الكلام بينهم، ولكن العوام خواطرهم عند مولانا السلطان، وداعون له ليلًا ونهارًا، ثم قال السلطان: واش خبر [برلغي] (١) مع العسكر الذي جرده المظفر؟ فقال طرنطاى: إن السلطان المظفر طلب [برلغي] (٢) وأعطاه عشرين ألف دينار، وجرد معه عشرة من الأمراء بأربعة آلاف فارس، وإلى الآن ما خرج أحد من ديار مصر، فخلع عليه السلطان، وعلى مَنْ جاء معه.

وأما أقطاي مملوك الناصر ومملوك قراسنقر والنجاب فإنهم ساروا ليلًا ونهارًا حتى وصلوا إلى حلب، وأعطوا الكتب لقراسنقر، فلما قرأه اصفر لونه وضرب يديه على يده، وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، خرب كل شيء عملناه، ثم التفت إلى مملوكه وقال له: كيف أعطيت كتابي لنائب دمشق حتى كتب بضد ما كتبت أنا. فقال المملوك: أعوذ بالله أن أخون استاذي وأعطى كتابه لغير من كتب له، ثم قال قراسنقر: احك الذي جرى عليك في دمشق وإلا أسلخ جلدك. فقال: لما حضرت قدام الأفرم فقال لي: إلى أين رايح؟ قلت له: إلى الكرك، لأن الأخبار قد وصلت إلينا بأن الناصر قد نزل من الكرك يطلب دمشق، فقال لي أستاذى: اذهب إليه وانصحه مني وقل له: البلاد ما هي سايبة ولا هي بلا سلطان، فاقعد ولازم موضعك والزم حرمتك، ولا تسمع من الذين حولك، فالذي أشار عليك بهذا أشار برأي غير صالح، قال: فلما سمع الأفرم بذلك فرح، وأمر بأن أنزل عند بعض مماليكهـ، ثم وداني إلى داره فأكلنا وشربنا، فقال له قراسنقر: المصيبة من هاهنا، فأكلت عنده وشربت وسكرت، فأخذ الكتاب الذي كتبته إلى الناصر من جرابك وأنت سكران لا تدرى، وكتب بضد ما كتبتُ أنا.

فكان الأمر كما ذكر سواء بسواء، فإنه لما سكر ونام، فقام مملوك الأفرم وفتح جرابه وأخذ الكتاب الذي كتبته للناصر وأعطاه لأستاذه الأفرم، ففتحه، فإذا فيه حال


(١) برغلي: في الأصل، والتصويب مما سبق.
(٢) برغلي: في الأصل، والتصويب مما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>