للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوفك على هذا الكتاب إن كنت في الكرك فانزل، وإن كنت في الطريق فجد في السير إلى دمشق، فهذه خطوط أمراء دمشق وغيرها عندي، وأنا والأمير سيف الدين قفجق والأمير اسندمر قد تجهزنا وجهزنا العساكر، فترد لنا الجواب سريعًا، فلما سمع الأفرم بذلك داخله الرعب واصفر لونه وأرسل وراء ابن فضل الله وقال له: خذ هذا الكتاب وخذ الوصل الذي فيه علامة قراسنقر وأوصله بدرج أبيض واكتب ضد ما فيه، وقابل كل فصل بضده، فأخذه ابن فضل الله وكتب مثل ما قال، فلما سمع قراسنقر ذلك قال: الحرب والمسالمة لا يتفقان.

وكان قتال السبع على حلب كما ذكرنا عن قريب، وهو مجرد معه ألفا فارس من عسكر مصر، والحاج بهادر وبيبرس العلائي ومعهما ألفا فارس من عسكر دمشق، فطلبهم قراسنقر وقال لهم: يا أمراء، الملك الناصر ما هو ابن أستاذكم؟ فقالوا: نعم. فقال: إذا نزل هو وطلب دمشق ما تساعدونه وأنتم أكابر الأمراء؟ فقالوا (١): الأمير جمال الدين قتال السبع أخبر منا وهو مقدمنا وكبيرنا. فقال لهم: وأنا ما أقدر أدخل بينكم وبين ابن أستاذكم، فأنا رجل غريب بينكم، وأنتم أخبر مني بهذا الأمر، وأي مَنْ حكم في المُلك كنت غُلامه، فقال قراسنقر: لا غنى عن الكلام، فقالت الأمراء: أنت أحق بالكلام، فقال قراسنقر: إن سمعتم مني تكلمت وإلا أنا ساكت، فقالوا: كلنا نسمع منك ولا نخالفك، فقال لهم: عندي أن ابن أستاذكم أحق بالملك من كل أحد، وأنتم تعلمون أنه ورث الملك من أبيه وأخيه، وأيضًا أنه فتح الشام بعد أن كان خرج من أيدي (٢) المسلمين، وأيضًا أنه مقدام عند الشدائد، ثابت عند تراكم الأهوال وتصادم الرجال، وما فيكم إلا مَنْ رآه يوم حمص وقد ولينا كلنا وثبت هو مع صغر سنه، فكيف إذا بلغ ما بلغ غيره من السنين، فقال قتال السبع: يا أمير، كلامك يدل على أن قلبك معه، فقال له قراسنقر: وكيف لا يكون ذلك؟ فوالله، إن ابن أستاذي أحب إلى من خشداشي، فقالوا: يا أمير، نوافقك على ما تختار، ثم خرج من عنده، فوصل إلى البريدي الذي


(١) فقال: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٢) أيدي: ملحقة بهامش الأصل ومنبه على موضعها بالمتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>