سيره الملك المظفر، مجمع الأمراء المصريين وخرج بهم الأمير جمال الدين قتال السبع ورحلوا في الليل.
وكان الحاج بهادر وبيبرس العلائي قد حلفا مع قراسنقر للملك الناصر، فقال لهم قراسنقر: ارحلوا ولا تنقطعوا عن المصريين، وإذا وصلتم إلى دمشق فحلفوا الأمراء الذين فيها، فنحن أيضًا واصلون وراءكم، فرحلوا.
ولما وصل قتال السبع إلى دمشق ركب الأفرم إلى ملتقاه، وأنزله في ميدان الحصى، ونقل إليه كل ما يحتاج إليه، وأما بهادر وبيبرس فإنهما نزلا في بيوتهما، واختلى قتال السبع بالأفرم وحدثه بما سمع من قراسنقر، فقال: كل الشام مخامرون على السلطان المظفر، وقد عجزت مما أسير إليه، فما يأتيني منه خبر شاف أعتمد عليه، وأريد منك أن تجد في السير، فلعلك إذا وصلت تحدثت للسلطان بكل ما سمعت.
وما أقام قتال السبع في دمشق إلا يوم دخوله، ثم رحل طالبًا مصر، فلما نزل إلى الغور هرب منه أمير يقال له: غانم بن أطلس خان، فسار إلى الكرك، وأما قتال السبع فإنه جد في السير حتى وصل إلى مصر وحضر بين يدي المظفر، فحدثه بحديث قراسنقر، فانقطع قلبه وقال: راح الشام ورب الكعبة، وطلب سلار وحدثه بالذي سمع، فقال له سلار: وماذا عولت؟ فقال له: اخرج إلى الشام بالعسكر وإلا راحت البلاد مني، فقال له سلار: أي وقت خرجت تتلف خيول الناس جميعها، لأنها كانت في الربيع (١) وتخرج وتقاسى الرمل، وربما صح اتفاق قفجق واسندمر وقراسنقر ويخرجون إلينا بخيول قوية وخيولنا مجاف ولم تشبع الربيع، فلا يحصل خير ولا نأمن على أنفسنا منهم، والناس كلهم يعلمون أن أي من كان صاحب مصر فهو صاحب البلاد، وأنت الآن قاعد على كرسي المملكة فلا تبال
(١) الربيع: ربيعان، ربيع الشهور، وربيع الأزمنة، وربيع الأزمنة ربيعان: الأول يأتي فيه النور والكمأة، والثاني تدرك فيه الثمار، وارتبع بمكان كنا أقام به في الربيع، وربما سمى الكلأ والغيث ربيعًا، والربيع ما تعتلفه الدواب من الخضر، ينظر تاج العروس، مادة ربع.