للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غدا يكون قفجق عندكم بخمسين ألف فارس، فقال برلغي: هذا هو الصحيح، فما بات تلك الليلة إلا في قرين، ثم سير البريدي إلى المظفر يُعلمه بأن تمر الساقي وصل إلى العباسة وأخذ ما عليها من الخيل والدواب، فلما جاء هذا الخبر إلى القاهرة ارتجت ديار مصر، ووقع الخبر بأن الشاميين أغاروا (١) على خيل عباسة وعلى بلبيس، فحار المظفر في نفسه ولم يدر ما يفعل، ثم جهز لبرلغي عشرين ألف دينار يجهز بها حاله، وقال: أنا أيضًا واصل إليك في هذه الأيام، وفي تلك الساعة وصل قاصد من عند الملك الناصر إلى برلغي وهو يقول له: بالله، إذا كنت أنت الذي عليك الاعتماد، وأنت أكبر مماليك أبي خرجت عَلَىّ، فبالله، فعلى مَنْ أعتمد بعدك؟ ضاعت والله تربية الملك المنصور فيك، فدع ما أنت عليه وجل قدومك إلى غزة، فقد خرجت من دمشق، ونيابة مصر عينتها لك، وأطمعه بالعطايا الجزيلة، فلما سمع بذلك افتكر، ثم رأى الناس كلهم مائلون إلى الناصر، وكل ليلة يهرب منه جماعة إليه، وهو في ذلك، فإذا بقاصد من عند قراسنقر وصل إليه ومعه كتاب، وكذلك جاء إليه كتاب من اسندمر، وكان مجردًا على العريش من حين وصل الناصر، فعند ذلك طلب الأمراء الذين معه، وقال: ما تقولون؟ وهذا الملك الناصر قد وصل، وربما اليوم هو في العريش، وهذا الملك المظفر ما له قابلية للملاقاة، وقد تبين لنا عجزه، وما يكون التدبير؟

فقال كلهم: الذي تختار.

فقال: الرأي عندي أن نسير إلى الملك الناصر، ومماليك أقوش الرومي قد قتلوه [وذهبوا] (٢) إلى الملك الناصر، ولا نأمن أن تكون مماليكنا كذلك، فقالت الأمراء: الذي تقوله حق، فاتفق الجميع على الرواح، ثم قال لهم برلغي: كل منكم يروح ويجهز حاله، فخرجوا من عنده، ثم طلب الأمير برلغي الأمير دباكوز والأمير [بجاس] (٣)، ولم يكونا حضرا مع الأمراء لأنهما كانا عينًا للمظفر عليه، فلما حضرا قالا له: ما لخيلك


(١) أغاروا لبرلغي: في الأصل، ومشطوب على كلمة "لبرلغي"، وهو سبق نظر من الناسخ.
(٢) فذهبوا: في الأصل.
(٣) بشاس: الأصل، والتصويب، مما يلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>