يقال له: علاء الدين أيدغدي بهلوان، وقال له: خذ مائة مملوك وسر بهم إلى قلعة الروم وأنت مقدمهم، ولا يعمل النائب شيئًا إلا بحضورك، ولكم أخباز البحرية وأُجرى لكم من مالى كل ما تريد، فأجاب بالسمع والطاعة، ثم قال له: احترز من مكائد الناس لأن اسندمر نائب حلب قريب منكم، فربما يكاتب النائب ويميلكم إلى النائب، وإياكم أن تسمعوا من أحد.
فقال أيدغدي: با خوند، إذا دخلت رجلى القلعة فقد حصل المراد ولو كان فيها جن الأرض.
ثم انتخب السلطان مائة مملوك جياد، وأركبهم الهجن، وقال لهم: سيروا ليلًا ونهارًا وكتب معهم إلى نائب قلعة الروم بأنه يمكنهم من الطلوع إلى القلعة، وأن يحترمهم ويجريهم على معلوم البحرية، وأوصى بهلوان وأصحابه أن قراسنقر نائب الشام واسندمر نائب حلب وغيرها إذا سألوا منكم إلى أين أنتم رائحون؟ فقولوا: إلى كركر وكختا لضرورات السلطان، ولا تعلموا أحدًا أنكم رائحون إلى قلعة الروم، ثم أعطاهم كتابًا مطلقًا إلى دمشق وحلب وجميع الممالك الشامية، فيه: أنه سيرهم إلى كختا وكركر، فيجهزون لهم الإقامات والعليق لدوابهم وأي حيوان يعجز منهم تحضرون بدله.
فلما وصلوا إلى دمشق تلقاهم قراسنقر، وأنزلهم في دار الضيافة، فناوله بهلوان كتاب السلطان، فوقف عليه، وقال: ما الفائدة في رواحكم إلى كختا وكركر؟ فقالوا: مرسوم السلطان، ما نعلم غير ذلك، نجهز لهم كل ما يحتاجون من المأكول والمشروب والمركوب، ثم ساروا حتى وصلوا إلى حلب، فتلقاهم اسندمر، ثم وقف على كتاب السلطان، فقال: اش في كختا وكركر، ثم تروحون إليها، فقالوا: مرسوم السلطان، فأنزلهم وأكرمهم.
ولما خرجوا من عنده وساروا، أحضر مماليكهـ فقال لهم: قد رابني أمر هؤلاء المماليك، وربما يكونون رائحين إلى قلعة الروم، فقالت مماليكهـ: لا، هؤلاء سائرون إلى كختا وكركر، فقال اسندمر: هؤلاء ذخيرة مشؤومة أينما كانوا، وأنا ما أمكنهم من الطلوع إلى قلعة من القلاع أبدًا، ثم أنه كتب إلى كختا وكركر وغيرهما يأمر نواب القلاع بأن لا يمكنوهم من الطلوع إلى القلاع، وسَيَّر الكتب مع البريدي، فسبقهم البريدى.