وأما هؤلاء فإنهم ساروا أولًا إلى عينتاب وباتوا فيها، ثم ركبوا ووصلوا إلى قلعة الروم، وكان فيها نائب يقال له: السديدي فأعلموه بوصولهم، فتعجب كيف جاء هؤلاء من مصر؟ وهم جماعة وما علم بهم اسندمر، فأمر لاستاداره بأن ينزل إليهم ويحضر منهم عشرة ليسمع حديثهم، فنزل الاستادار إليهم، وقال لهم: الأمير يطلب منكم عشرة ليسمع كلامهم، فقال بهلوان: نعم، فانتخب من المائة عشرة يقابلون الجاليش، فأخذهم معه، وقال لبقية أصحابه: ها أنا أطول معه في الكلام وأنتم اطلعون في أثناء هذا من واحد واثنين وثلاثة، فإن رأينا أن الطلوع ما يمكن لنا طلعنا بالسيف وما شاء الله كان.
ثم إن بهلوان سار إلى القلعة ومعه أصحابه العشرة، فلما وصل إلى الباب ترجل وطلع ومعه أصحابه، فلما رآه السديدى قام له وأجلسه إلى جانبه، ثم أخرج بهلوان كتاب السلطان وناوله إياه، فأخذه وباسه، وفتحه وقرأه، وبقي مفكرًا مطرق الرأس ساعة.
فقال له بهلوان: مالك؟ فقال له: أنت تعلم بأن هذه القلاع مضافة إلى حلب، ولا يحكم عليها إلا نائب حلب، فقال له بهلوان: من عملك نائبًا في هذه القلعة النائب أو السلطان؟ فقال: بل السلطان. قال: فأين عقلك؟ إذا سمع السلطان بأنك ما سمعت من كتابه ومرسومه، اش يقول السلطان؟ فما ينغاظ عليك؟ وربما أنه يأخذك، وحينئذ ما ينفعك نائب حلب، فقالت له مماليكه: لقد نصحك فيما قال هذا، ومعهم مرسوم السلطان فما يكون مرسوم نائب حلب؟ فقال السديدي: كلنا مماليك السلطان، والأمر أمر السلطان، ثم أنه أخلى لهم أماكن في القلعة وأطلعهم إليها.
وفي ذلك الساعة كتب بهلوان إلى السلطان وعرفه بطلوعهم قلعة الروم وما جرى لهم مع نائبها.
وكان نائب عينتاب قد أرسل إلى اسندمر وعرف أن المماليك الذين كانوا رائحين إلى كركر وكختا قد رجعوا من الطريق وساروا إلى قلعة الروم، فعند ذلك أركب اسندمر البريدي إلى السديدي يقول له: لا تمكنهم من الطلوع إلى القلعة.
فوصل البريدى ووجدهم في القلعة، فندم السديدي، وجمع مماليكهـ وقرأ عليهم كتاب