ثلاثمائة راجل مستعدين منتظرين، فإذا وصلت إلى حلب بالليل - وقد عينه - ينزل هؤلاء من القلعة ويمسكون باب السر للديار التي فيها اسندمر، ولا يمكنونه من الخروج، وكذا كتب إلى سائر أمراء حلب، فإنهم يركبون في ليلة كذا ويمسكون الأزقة والدروب، فإذا سمعوا النفير قد ضُرب في القلعة، يجتمع كلهم على دار اسندمر، وأرسل هذه الكتب مع هجان يسمى سراب، فقال له: ينبغي أن تصل إلى حلب في يوم وإلا راحت روحك، فركب سراب، ناقة لكراى، مشتراها أربعة آلاف درهم، وصرخ عليها فخرجت من تحته كالريح، ولم تزل تقطع البراري إلى أن وصل إلى حلب، ثم ركب كراي عقيبه ولحقه العسكر أولًا فأولا.
وكان كراي قد ركب الهجين، ومعه ثمانية وعشرون أميرًا، كلهم ركاب الهجن وخيولهم مجنبة، وكل أمير معه عشرون أو ثلاثون مملوكًا على الهجن، فساقوا يقطعون الأراضي بغير مهل، وعدوا حماة، وكان سنقر، مملوك اسندمر في حماة، ومعه حمام أرسله اسندمر معه، ووصاه [أنه إذا](١) رأى العسكر قد وصلوا إلى حماة يطلق الحمام، فلما نظر المملوك بأن العسكر عابرون في حماة، وكانت له معرفة بكراي، قال: والله لا أروح حتى أبصر كراي، وربما أتنسم بعض الأخبار، وأتحقق تحقيق الأمر، فسار إلى كراي، ورآه كراي فعرفه، فقال له: ما خبرك؟ ولماذا جئت إلى هنا؟ فقال: جئت لشغل الأمير، لأجل استخراج مال له فقال كراي ما هذا الوقت وقت استخراج المال، فتعال معنا، فقال: حبا وكرامة، ولكن أرجع إلى أصحابي وأركبهم وأعود، فقال له: سر فلا حاجة إلى أصحابك، فقال: ما تحتى مركوب ينفع، فقال كراى في نفسه: هذا معه حمام أرسله اسندمر، فإن مسكناه عرف أصحابه فيرسلون الحمام لأنه عندهم، فقال له: اذهب والحقنا، فقال السمع والطاعة، فرجع وقال في نفسه: أن لا يعود.
وأما كراي فإنه طلب عشرة مماليك وقال لهم: اتبعوا سنقر هذا من بعيد إلى البيت الذي هو فيه، فإذا رأيتموه وقد دخل اهجموا عليه، وإياكم أن تمكنوه من إرسال الحمام،