للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل امسكوه والحمام معه، فقال له الأمير سنقر الكمالى: ومن أعلمك بأن معه حمامًا؟ فقال: قلبي يجزم بهذا.

فذهب المماليك خلف سنقر، مملوك اسندمر، إلى أن وصل هو إلى بيته الذي هو نازل فيه، في المنصورية، فدخل إليه، وكان معه مملوكان آخران، فقالا له: ماذا قعودك [والعسكر] (١) قد وصلت، فحدثهما بالذي جرى له مع كراي، ثم قال لهما: نكتب البطائق (٢) ونرسل مع الحمام، فقالا البطائق مكتوبة، ونحن ننتظر حتى تعلم عليها، فقال: هاتوها، فأحضراها وعلم عليها، ثم أحضر الحمام، وشدوا البطائق، فإذا بالمماليك قد هجموا عليه، فأخذوا الحمام وهو بالبطائق، وأخذوا سنقر والمملوكين معه، وساروا بهم إلى كراي، فأمرهم بأن يقيدوا سنقر ليأخذه معه، فقيدوه وأركبوه هجينًا، وخلى المملوكين في حبس حماة.

ثم ساق من حماة بعَجَل إلى أن وصلوا إلى حلب، فإذا بعض مماليك ينتظرون كراي خارج المدينة، فلما رآهم كراي قال: من أنتم؟ قالوا: مماليك نائب قلعة حلب، أرسلنا إليك، فقال لهم: لا، يكون اسندمر خرج من البلد؟ فقالوا: لا، ولم يعلم بشئ، فقال: ماذا عمل أستاذكم؟ قالوا: من حين وصل نجابك فرق الكتب على الأمراء وجهز الرجالة، وفي هذه الليلة، وكانت ليلة العيد، [نزلهم] (٣) في المواضع التي عينتها في كتبك، والآن هم على باب سر اسندمر، وعلى الأزقة والدروب، وما يعلم أحد بهم، لأن الناس مشغولون بالعيد، واسندمر لا يهتم لأجلكم إلا بعد العيد.

فنزل كراي على جانب نهر قويق (٤) ساعة حتى وصل المتأخرون من العسكر، وقعد هناك حتى مضى بعض الليل، فركب عند ذلك ومعه مقدار خمسمائة نفر غائصين في الحديد، فساقوا إلى أن وصلوا إلى باب القلعة، ثم قال لمماليك نائب القلعة، اطلعوا،


(١) بالعسكر: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٢) البطائق: نوع من المكاتبات تُحمل على أجنحة الحمام، ينظر صبح الأعشى ١٤/ ١٢٢.
(٣) نبههم: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٤) نهر قويق: نهر مدينة حلب، مخرجه من قرية سبتات، ويمر بمدينة حلب، معجم البلدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>