للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوع الرابع: في كيفية حبسه وموته.

قال الراوي: أمر السلطان بأن يُبنى عليه أربع حيطان في محبسه، وأمر بأن لا يُطعم ولا يُسقى.

وقال بعض المؤرخين: لما مسكه السلطان وسجنه بالقلعة، أحضر إليه طعامًا فأبى أن يأكل، وأظهر الحرد، فطولع السلطان بذلك، فأمر بأن لا يرسل إليه طعام بعد هذا، فبقى سبعة أيام لا يطعم ولا يسقى، وهو يستغيث الجوع.

فأرسل إليه السلطان ثلاث أطباق مغطاة بشفر الطعام، فلما حطوها بين يديه فرح فرحًا عظيمًا وظن أن فيها أطعمة يأكل منها، فكشفوها فإذا في طبق ذهب، والآخر فضة، وفي الآخر لؤلؤ وجواهر، فعلم سلار بأنه ما أرسل إليه هذه الأطباق إلا ليقابله على ما فعل فقال: الحمد لله الذي جعلني من أهل المقابلة في الدنيا، وبقى على هذه الحالة اثني عشر يومًا ومات، فأعلموا السلطان بموته، فجاؤا إليه ووجدوه قد أكل ساق خفيه، وقد أخذ السرموجة (١) وحطها في فيه، وقد عض عليها بأسنانه وهو ميت، فسبحان القهار الفعال لما يريد، ثم حملوه إلى تربته بالكبش (٢) فدفن فيها، وهي التربة التي أنشأها الجاولي عند الكبش ظاهر القاهرة.

وتولى أمر تجهيزه الأمير الجاولى بأمر السلطان، وقيل: إنهم جاءوا إليه وهو في سياق الموت، فقالوا له: إن السلطان قد عفى عنك، فقام ومشى خطوات ووقع ميتًا، رحمه الله.

وكان موته يوم الأربعاء الرابع والعشرين من ربيع الآخر (٣).


(١) السرموجة = سارموزة = سرموزة: لفظ فارسي، معناه رأس الخف، وتطلق على نعال النساء، أو نوع من الأحذية القصيرة التي تخلع عند دخول المنزل، ينظر المواعظ والاعتبار المجلد الثالث ٣٠٥ هـ ٤، ٣٤٦.
(٢) ينظر عن الكبش: المواعظ والاعتبار المجلد الأول ٣٤٠، المجلد الثاني ١٥٨.
(٣) جمادي الأولى: في كنز الدرر ٩/ ٢١٠، وينظر البداية والنهاية ١٨/ ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>