شعير، ومائة قنطار بقسماط، وألف علبة حلاوة، وأن يُشتري هناك خمسمائة رأس غنم لأجل قراسنقر، ثم أَرسَلَ البريدي إلى الكرك، وأمر لنائبها بأن ينزل لقراسنقر، ويُرسل له: ألف أردب شعير، وخمسمائة رأس غنم، وأن يجهز له الإقامات في المنازل، ثم طلب مملوكه وكتب جواب كتاب قراسنقر يقول فيه: والله لقد عتبت على الوالد كيف أنه ما أعلمني من قبل، وربما كنت أنا أيضًا توجهت إلى الحج وكنا نقضي الفرض جميعًا، وأنت تعرف علو منزلتك عندي، والإذن معك، وأي مَنْ أردتَ أنت عَيِّن لنيابة الغيبة إلى حضورك، لأنك تعلم بأن حلب هي لك ما لأحد فيها حكم.
وذكر أيضًا أنه أرسل لأجله إلى مكة كذا وكذا، وأمر من الكرك أيضًا، وخَلع على مملوكه خُلعة هائلة، وسَيَّر معه لقراسنقر أيضًا خُلعة كاملة، فلما وصل إلى أستاذه وقرأ قراسنقر الكتاب، قال: الله يكفينا شر هذا العطاء، ثم إن قراسنقر عاد إلى مكره وخداعه، وقال: قل للذي يدعي علم الفلسفة، حَسِبتَ شيئًا وغابَتْ عنك أشياء، إن كان خاطر الملك الناصر شيء لأجلي وأذن لي أن أدخل البلاد ليتمكن مني مثل ما يريد، فقد فرطت أنا في روحي، على أني أدعي أني أدري أهل الأرض وأمكر من كل ماكر.
ثم كتب كتابًا إلى السلطان، يقول فيه: أقل المماليك قراسنقر المنصوري الناصري، لما أتى إليه المثال الشريف قبله قائمًا، وقابله لاثمًا، وأثنى بالشكر له على ذلك دائمًا، وإن المملوك يسأل من الصدقات الشريفة "مرسومًا شريفًا بأن لا يدخل إلى دمشق، لأن أهلها حين خرج المملوك من بينهم سبوه وشتموه، ولولا خوفهم من سطوة السلطان رجموه، وربما إذا دخلت إليها فأهلها يُسْمِعُونني ما لا أريده، وقد شملت المملوك الصدقات الشريفة"(١) فيكون تمامها أن يروح إلى البرية ولا يخرج إلا من الكرك.
فلما وصل كتابه إلى السلطان رَدَّ إليه الجواب، بأن البلاد كلها في تصريفك وتحت حكمك أينما أردت توجه، فلما أتى إليه الجواب فرح فرحًا شديدًا، واهتم في أمره، وتجهز