فقال له: أعلم أن معنا الحريم والعيال والأحمال والأثقال في هذه البراري، وليس من المروءة أن نضيعهم، فنرجع بهم، وأنت قدامنا في البراري حتى نصل إلى حلب، فإذا وصلنا نرى هناك رأيًا آخر مما قدره الله تعالى، فقال سليمان: نِعْمَ ما رأيت.
وما أصبح الصباح حتى شالوا الأحمال وحَمَّلُوا الجِمَال، وساروا وسليمان أمامهم.
ثم إن قراسنقر يتذكر ما جرى عليه، وتفيض عيناه بالدموع وينشد ويقول:
إذا ثار الغبار إلى العنان … وقام الحرب ملأ العيان
وأبرقت الصوارم مشهرات … يكف همامها البطل المُدَان
ودارت من الأكف على البرايا … كؤوس الموت يا بئس الأواني
هناك ترى مني صبرًا جميلًا … أقدَّ الرؤوس ضربًا باليماني
حلفت ولي جنان لا يبالي … على كُثر الخطوب وإن دَهاني
ولي قلب صبورٌ على الرزايا … ولي جَلَدٌ على رَيْبِ الزمان
وكم من شدةٍ ورخَاءِ وضيقٍ … وأَخُول لها كل اللسان
صبرت لها فولت عند صَبْري … ودَلَّت من حسامي مع سناني
فكيف أخشى من الأيام ريبًا … وأُمَرَاء آل فضل يُعضَدان