للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر سليمان بالخروج.

وأمَّا كتاب مهنا لما وصل إلى أرغون فإنه قد تأخر عن حمص مثل ما أشار به مهنا، ثم بعد خروج سليمان من مصر قدم مملوك أرغون الدوادار إلى مصر ومعه كتاب أرغون فيه: أننا لما وصلنا إلى حمص جاءنا كتاب مهنا يذكر فيه أنك أي وقتٍ تتحرك من حمص يهرب قراسنقر ويذهب إلى بلاد العدو المخذول، فتأنَّ فيه إلى أن يجيء مرسوم السلطان، فإني قد سَيَّرت إليه، وننظر بماذا يجيء الجواب، فنعتمد نحن وأنت عليه، واليوم قراسنقر على الجزيرة المنسوبة للرقة، ولو تقدمنا يومًا واحدًا قطع الفرات إلى بَرِّ العدو، وأما مهنا فإنه نازل على سلمية، وأخوه فضل وولده موسى عندي.

ولما وقف السلطان على كتابه، كتب جواب كتاب مهنا بأنا نحن نعلم ما أشار به الوالد من شفقته على هذه الدولة، وأما ما ذكره من قراسنقر، فوالله العظيم، أنا ما عندي خبر من كل ما جرى، وما هذا الوهم الذي دار في قلبه؟ وما موجب هذا؟ وأنا ما أنسى خدمة قراسنقر لي، ولا في مماليكي كلهم من هو خير منه عندي ولا أكبر منه، وحلب دربست له، والذي جرى من قرطاي الحاجب كان بغير أمري، وإن أراد هو أُرْسل إليه وأُخْرجه من حلب، وكذلك الأمراء الذين قاتلوا معه، فيرجع هو إلى بلده، ونحن لا نستغني من مشورته وكتبه على عادته، فما بقى من مماليكي الكبار لأبي غيره، وأما [أرغون] (١) فقد أرسلت إليه وقلت له: أنه إذ سمع بأن قراسنقر قد رجع إلى حلب يرجع هو من حمص.

وكتب أيضًا [لأرغون] (٢) مثل كتاب مهنا في الظاهر، وفي الباطن أنك تكشف أخبار قراسنقر، فإذا تحققت عبوره إلى حلب اعمل كما عمل الأمير كراي للأمير اسندمر (٣)، وهو أنك تركب أول الليل من حمص ولا تُدْري أحدًا وتسوق إلى ناحية حلب، فتهجم على قراسنقر على غفلة، ثم تعود من حلب وتأتي إلى طرابلس، وتعمل


(١) رغون: في الأصل.
(٢) لقراسنقر: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق، ينظر ما يلي.
(٣) ينظر ما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>