للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع الأفرم كما عملت مع قراسنقر، ثم تأتي إلى حمص فإن كان مهنا على سلمية تركب من الليل وتكبس عليه وتمسكه، وتمسك معه أولاده، وإياك أن ينفلت منهم أحد، واحذر كل الحذر، ثم ارجع بهم إلى دمشق، وامسك في دمشق الأمير [الزردكاش] (١) والبرواني وبلبان الدمشقي، وهاتهم صحبتك تحت الاحتياط.

وكتب أيضًا كتابًا لقرا لاجين مثل كتاب أرغون، وكتب لبقية الأمراء، لكل واحد بمعنى، ثم أمر المملوك أرغون بالخروج والرواح إلى أستاذه.

ولما خرج تلاقى في الطريق سليمان بن مهنا، فإنه كان خرج قبله بمقدار نصف يوم، فسار ليلًا ونهارًا إلى أن وصلا إلى قاقون، وكان قد وقع بينهما أنسٌ في الطريق، وكان سليمان صاحب مكر وخداع.

قال الراوي: فشرع كلاهما يتحدثان في أمر قراسنقر، فقال سليمان: والله، لو أني كنت صاحب مصر ما كنت أبقى قراسنقر ساعة واحدة لأنه شيطان الأرض، وكل شرٍّ يقع في مصر أو في الشام فهو من تحت رأسه، وهو ذخيرة سوء، وإشْ كان هذا النحس حتى ردَّ السلطان إليه حلب، فماذا يرجو منه؟ وكان المملوك غُتْمِيًا (٢) لا يعرف المكر ولا المكيدة، فلما سمع هذا الحديث من سليمان ضحك، وقال له: أنت تظن أن هذا صحيح من السلطان وأنه يردّ قراسنقر إلى حلب، والله، ما بينك وبينه إلى جوازه إلى حلب، ثم أحاط به البلاء.

فلما سمع سليمان هذا الكلام من المملوك سكت وأَضمره في خاطره، وركبا من قاقون وسارا، فصار سليمان يتحيل إلى [أن] (٣) يسرق بعض الكتب التي مع مملوك أرغون، فتَمَّا سائران إلى أن وصلا إلى دمشق، وقت والعشاء الآخرة، فقال سليمان للمملوك: قد هجم علينا الليل ونحن سهارى، وما ينقطع الليل إلا بالتلهي، ثم


(١) الزركاش: في الأصل.
(٢) الأغتم: الأعجم، وهو من لا يفصح شيئًا، تاج العروس، فصل الغين.
(٣) إضافة لتوضيح المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>