للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرج دينارًا وأعطاه لغلام البريد وقال له: خذ لنا بهذا نُقْلا (١) وحَلَاوة صابونية نتنقل بها في الطريق حتى لا ننعس، فأخذ الغلام ذلك، ثم ركبوا، ولما وصلوا إلى قابون قال سليمان للغلام: هات لنا الحلاوة، فأتى بعلبة ففتحها سليمان، وأخرج منها قطعة لنفسه، وقطعة للمملوك، وأعطى الباقي [للغلام] (٢)، فأكلوا وهم سائرون إلى أن وصلوا إلى حرستا، فصار المملوك لا يقدر أن يحمل روحه من غلبة النوم، فقال لسليمان: يا أمير، قد قتلنا النوم، انزل بنا ساعة نستريح، ثم نركب، فنزلوا، وانطرح المملوك مثل الميت وهو يشخر، وكان مع سليمان بنج في كاغدٍ، فجعل منه شيئًا في الحلاوة التي دفعها للمملوك، وكان سبب تغلبه ذلك، ثم مد سليمان يده إلى جراب المملوك وأخرج جميع الكتب وقرأ عنوانها، فأخذ الكتاب الذي باسم أرغون، [فقرأ] (٣) كل ما ذكر السلطان في حق قرا سنقر في هذا الكتاب، ورد باقي الكتب في الجراب، ثم اتكأ ونام إلى الصبح، ثم انتبه ونبه المملوك، فقعد وهو مُخَبَّل من البنج، فركبوا وساروا إلى القصير، فغيروا خيولهم، ولم يزالوا سائرين إلى أن صلوا إلى القطيفة، فافترقا، فسار سليمان يطلب درب جنيجل، وسار المملوك يطلب حمص.

ولما وصل سليمان إلى أبيه مهنا وهو في سلمية، دفع له كتاب السلطان، فلما قرأه فرح وشرع يسأل عما جرى عند السلطان في حق قراسنقر، فلما سمع ذلك من أبيه أخرج له الكتاب الذي أخذه من جراب المملوك، وقال له: اقرأ هذا، فلما قرأه، قال: الله أكبر، يا للرجال، ثم أمر في الحال بأن ترحل بيوته من سلمية فرحلوا، وما أصبح الصباح إلا وهم على منزلة يقال لها الشحيرة، وطلب سليمان، وقال له: يا ولدي، اذهب إلى قراسنقر، وقل له: يأتي إلينا بالعجلة حتى نتفق معه على أمر نفعله، وأعطاه الكتاب الذي [كتبه] (٤) إليه السلطان، والكتاب الذي كتبه إلى أرغون فيه، فسار سليمان حتى


(١) النقل: ما يتنقل به على الشراب، لا يقال إلا بفتح النون، وقد يضم، ينظر لسان العرب، مادة نقل.
(٢) الغلام: في الأصل.
(٣) فقال: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٤) كتب: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>