للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصل إلى الرقة فاجتمع به وأعطاه الكتابين، فلما قرأ الذي له فرح وانشرح صدره، ولما قرأ الآخر اصفر وجهه وتغير لونه، ثم قال: يا أمير سليمان، لولا هذا الكتاب راحت أرواحنا، فكيف يكون التدبير؟ فقال: مهنا يطلبك حتى تتفق معه على مصلحة تُفعل.

فبينما هما في الحديث إذ عبر مملوكه مغلطاي، وقال: قد حضر بريدي من السلطان، فأمر بإحضاره، فحضر، فإذا هو علاء الدين بن الدبيس، فدفع له الكتاب، فقرأه، فإذا فيه: عتبت على قراسنقر من جهة [تَخَيُّلِه] (١) بهذا الخيال الذي لم يخطر على البال، وهذا جزاؤك مني! فأنت عندي أكبر من الكل وأَخْيَر، فحال وقوفك على هذا الكتاب ترد إلى حلب على ما كنت عليه، وتُخرج منها قرطاي والأمراء الذين اتفقوا معه على ما جرى في حقك.

فقال قراسنقر: يا علاء الدين، أنا ما بقى يجئ مني نائب في حلب، وقد بقيت شيخًا كبيرًا، فإن كان الكلام صحيحًا، وله فيَّ حُسن ظن يعطيني البيرة أو الرحبة، وأنا أكفيه مؤنة التجاريد إلى الأطراف في كل وقت، وأكون أنا ومماليكي مقيمين بها، وإن كان كَرِهني فأنا أخليه وأروح من البلاد، فقال له علاء الدين بن الدبيس: اصبر عَلَيَّ حتى أروح إلى مصر وأعود إليك بكل ما تريد، ولكن اكتب معي كتابًا إلى السلطان بطلب أي قلعة أردتَ، حتى آتي بمرسوم السلطان بما تريد، فكتب قراسنقر، وطلب البيرة.

ثم قال لعلاء الدين: قل لأرغون لا يتحرك من حمص، فأي وقت ركب من حمص عبرت إلى بلاد العدو، فركبَ علاء الدين وسار.

وأما مملوك أرغون فإنه لما وصل إليه دفع له الكتب التي معه ففرقها للأمراء، وما رأى كتابًا يخصه، فتحيَّر، وقال: لله العجب، ما جاءني كتاب، ثم سأل عن لاجين، فقال: أين كتابك؟ فأحضره وقرأه، وإذا فيه نسخة الكتاب الذي كتبه السلطان لأرغون، وهو الذي أخذه سليمان في الطريق كما ذكرنا، وكلما يذكر فيه فصلًا يقول: هكذا ذكرنا في كتاب أرغون، فعلم أرغون أنه جرى أمر في كتابه، فَاخْتَلَى


(١) تخليه: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>