للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمملوكه، فقال له: قل كيف كانت قضيتك؟ وما جرى في الكتاب الذي أرسله السلطان إليَّ مع كُتب الأمراء، فشرع يحكي له بجميع ما جرى له مع سليمان حين رافقه في الطريق، وكيف ناموا في حَرَسْتا، فقال أرغون: ما أخذ الكتاب إلا سليمان بلا شك، وأنه قد جَفَّل قراسنقر ومهنا، ففي تلك الساعة أمر بالركوب، فركب هو وساق يطلب حلب، وقال الأمير جوبان: خذ معك ألف فارس، ورُحْ بهم إلى الرحبة، فأخذهم وساروا نحو الرحبة.

وجاء الخبر إلى قراسنقر بجاسوسه أن أرغون وصل إلى حلب، فرحل من الرقة ونزل على جعبر، وأرسل جواسيسًا من الناس إلى الثقات عنده يُعَرِّفُونه الأخبار كل وقت، ورحل أرغون من حلب ونزل على الحمامات، فجاء الخبر بذلك إلى قراسنقر، فخاف على نفسه، فقال له سليمان: يا أمير، لا تخف، وطيب قلبك، فوالله، لو أن القوم أشرفوا علينا ما نُبَالي، ولاسيَّما بيننا وبينهم مسيرة يومين.

ثم كتب قراسنقر إلى أرغون كتابًا وأرسله مع مملوكه مغلطاي، مضمونه: أنه يقول لأرغون لا تستعجل عَلَيَّ، هذا مرسوم السلطان جاءني بحلب، وإنه ما يُغَيِّر عَلَيَّ شيئًا، ولولا وصلت إلى هاهنا لكنت أنا اليوم في حلب، وقد أرسلت إلى مصر وطلبت مرسوم السلطان برجوعك فلا تستعجل عَلَيَّ واصبر حتى يجيء المرسوم (١) بم أَعتمد عليه أنا وأنت.

وكان الأمير بيبرس العلائي، نائب حمص، مع أرغون، فقال له: المصلحة أن تصبر فلعل مرسوم السلطان (٢) يجيء وتستريح من هذا التعب، فقراسنقر اليوم مثل باز على قُفاز، وأي وقت [رحلنا] (٣) من هاهنا يذهب إليه الخبر بجاسوسه، فيدخل إلى بلاد العدو، فلا يبقى لنا وصول إليه، فقال أرغون: صدقت، والوقت لا يحتمل المداراة، فلعله ينخدع.


(١) المرسوم السلطان: في الأصل، ومشطوب على كلمة السلطان.
(٢) السلطان: في هامش الأصل، ومنبه على موضعها.
(٣) أحلنا: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>