أنفسكم، ففي الساعة التي تقفون على كتاب السلطان اركبوا وروحوا إلى الأفرم نائب طرابلس، وخذوه معكم، وتعالوا إلينا لتدبر أمرًا يكون لنا ولكم فيه خلاص أرواحنا، وإن تعوقتم راحت أرواحكم.
وكان قد اتفق أن السلطان أرسل تجريدة أخرى تقوية لأرغون وفيهم من الأمراء: أمير حسين بن جندار، والأمير قلي، وكانوا قد وصلوا إلى أرغون واجتمعوا على حمص.
ولما وقف الزردكاش على كتاب مهنا، طلب في الحال: بلبان الدمشقي، والتاجي، والبيسري، وغيرهم، وعرض عليهم الكتاب الذي جاءه، والكتاب الذي جاء لأرغون، فقال التاجي: الله يعلم أن هذا صحيح أم لا؟ وربما يكون هذا دسيسة مهنا وقراسنقر لأجل أنها قد خامرا على السلطان، فقال الزردكاش: أنتم إلى الآن تكذبون الخبر، فسنرى مَنْ يندم.
ثم اتفق الزردكاش وبلبان الدمشقي والبرواني على أنهم يروحون إلى الأفرم ويأخذونه ويذهبون إلى قراسنقر، فحلفوا على ذلك، وتشاوروا أنهم يخرجون وقت الظهر يوم السبت، وتواعدوا على أنهم يجتمعون على صيدنايا، فلما فرغ الموكب يوم السبت طلب الزردكاش مماليكه وأمرهم أن يركبوا كلهم بالعدة، ثم ركبوا كلهم، وهم ثمانون فارسًا، وخرجوا من باب الفرج، ورآهم الناس، وظنوا أنهم خارجون إلى الصيد، وكان بلبان الدمشقي نازلًا بالعُقَيبة، فجاز إليه الزردكاش فركب معه، ولحقهما البيسري أيضًا، فخرجوا ووقع الصوت أن الأمراء قد هربوا، وأمر النائب لجمال الدين والي البر، وقال له: اركب خلفهم، وانظر إلى أين يروح هؤلاء، فإنهم لو كانوا هاربين لكانوا خرجوا بالليل، وركب أيضًا وراءهم الأمير طرنطاي الحموي والمشد في مائتي فارس، وأدركوهم وهم نازلون على بركة صيد نايا، فركب الزردكاش والبيسري مع جماعة، وخرجوا وحملوا على طرنطاي، وكان طرنطاي رجلًا عاقلًا، فقال لهم: نحن ما جئنا لنقاتلكم، بل جئنا حتى ننظر إلى أين أنتم رائحون، فقال الزردكاش: وإش تريدون؟ ونحن رائحون إلى الصيد، ارجعوا عنا، وإلَّا يكون بيننا أشأم الأيام، فرجع طرنطاي والحموي ومعه المشد،