للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولاقوا في الطريق ثلاثين بغلًا مُحَمَّلة قرقلات وخوذ ونحو ذلك فأخذوها.

وأما الزردكاش فإنه رحل في الليل وطلع على عُسال، ونزل على اللفيكة وقطع العاصي، وسار يريد مرج حين، وكان الأفرم نازلًا عليه ومعه أمراء طرابلس، وكان أمير حسين بن جمدار (١) أرسل إليه من حمص يقول له: إني أريد أن أتصيد أنا وأنت والأمير قلي معنا من جبل مرج حين إلى بعلبك، وكان الأفرم قد أرسل مملوكه [ألطنغش] (٢)، وهو استاداره أيضًا، إلى الناعم، ومعه إقامة للأمراء، ولما وصل إلى الأفرم قاصد الزردكاش وأعلمه بقدومه، ركب هو وعسكر طرابلس فلاقوا الزردكاش، وأخذهم الأفرم إلى وطاقه، ثم أخلى الزردكاش مع الأفرم، وأوقفه على الكتاب الذي جاء إلى أرغون بقبضهم، فلما قرأه اصفر وجهه، ثم قال: ماذا تعمل؟ قال الزردكاش نروح إلى مهنا وقراسنقر ونتفق معهما على أمر نفعله، فقال الأفرم: كيف نروح وأمراء طرابلس معنا مع العسكر؟ فقال الزردكاش: نزور كتابًا على لسان أمراء الشام ونائب دمشق وأرغون والمصريين كلهم بأنهم اتفقوا كلهم على أن يسلطنوا الأفرم، وها نحن رائحون إلى حمص، وتأخذ معك مَنْ تريد من الأمراء، فإذا عدّينا هذا الجبل افتصلنا في أرواحنا، فقال الأفرم: هذا هو الرأي.

وكان عند الأفرم رجل نصراني، كاتب له، يقال له: المكين، وكان أمكر النصرانية، وما كان بينهم مثله، فطلبه الأفرم وقال له: نريد أن نكتب كتابًا حتى أن من يراه ومن قرأه لا ينكر عليه، فقال له أكتب كُتُبًا وأضعُ عليها علائم الأمراء، بحيث لو وقع كتاب منها بيد المُزَوَّرِ عليه لحلف أنه خطه، ثم شرع الزردكاش يُملي ويكتب النصراني، ولما فرع قرأه على الأفرم فقال: والله، لولا علمي به لَحَلَفتُ أنه صحيح.

ثم أرسل (٣) النصراني إلى حاله، وطلب أمراء طرابلس، وقال لهم: تعلمون لأجل ماذا طلبتكم، فقالوا: لا، فقال: إن أمراء دمشق ونائبها اتفقوا مع الأمير قراسنقر ومهنا


(١) هكذا في الأصل، في هذا الموضع.
(٢) الطنقاش: في الأصل، والتصويب مما سبق ص ٩٩.
(٣) أرسلت: في الأصل، ومصححة.

<<  <  ج: ص:  >  >>