ملك العرب على أنهم يسلطنونني في الشام، وقد حلف الجميع على ذلك، وهذه خطوطهم وأيمانهم، فأخرج الكتاب الذي بخط النصراني فقرأه الموقع عليهم، فإذا فيه خطوط أمراء مصر والشام كلهم وأيمانهم، فلما سمع أمراء طرابلس والساحل بذلك، قالوا: نحن لا نُخالف، وهذه أكبر شهواتنا، ثم قال الأفرم: يا أمراء، طيبوا خواطركم، فإن استمريت في السلطنة جعلتكم أقرب الأمراء إليّ، ودعوا له.
ثم عين الأفرم منهم خمسة أمراء، وقال للباقي: اذهبوا إلى طرابلس لأنه ربما يخرج الإفرنج طمعًا في غيبتنا، فأجابوه بالسمع والطاعة، فعند ذلك ركب الأفرم في مماليكه والأمراء الذين عينهم معه.
وأما أرغون فإنه جمع أمراء مصر، وقال لهم: إن السلطان قد أرسلنا في أمور، وما قضينا أمرًا واحدًا، وقد عولت أن أسير وأمسك الأفرم، لأنه من بعض الغرماء الذين عينهم السلطان، فقالوا: افعل ما بَدَا لك، فطلب أمير حسين بن جندار وقلي، وعين معهما ألف فارس من عسكر مصر والشام من الرجال المشهورين، وقال لهم: اقصدوا مرج حين، واهجموا على الأفرع واقبضوا عليه، فركبوا من حمص وساقوا يقطعون الأرض بغير راحة، حتى وصلوا إلى مرج حين وكبسوا المرج، فلم يجدوا فيه غير تركمان وبعض الغلمان الذي انقطع مع الثقل، فسألوهم عن الأفرم، فقالوا: البارحة رحل وسار يطلب حمص لأنه جاءه من دمشق ثلاث أمراء فأخذوه وراحوا، ولما سمع بذلك أمير حسين وقلي قالا: على أي طريق أخذوا؟ فقالوا: على هذه الطريق، وأشاروا إليها، فسارا خلفه.
وكان على المقدمة أمير من أمراء دمشق يقال له: قطلوبك بن جاشنكير، وكان حامل رنك الأفرم وقد سبق العسكر جميعه، وهو واقف على عين في طرف مرج حين يسقي خيله، فطلع المصريون ورأوه، فوقع فيهم الصوت، وقالوا: جاء الأفرم، فرجعت الناس إلى ورائهم، وكان أمير حسين وأمير قلي خلف الناس، فقالا: ما للناس؟ فقالوا: قد أشرف الأفرم وهذي سناجقه، فتغيرت ألوان الناس، ولبس