فقال الأفرم: الله أكبر، هذا الرجل نيته أن لا يُخَلِّي أحدًا منا، وسمع مهنا بأن كل ما كان مع الأفرم أُخذ، فقال له: لا تضيق صدرك مما قد راح منك، فهذه أموالي كلها بين يديك، فقال الأفرم: نريد أن نبصر الأمير قراسنقر، فطلب مهنا ولده أحمد، وقال له: اركب إلى أخيك يحضر هو ومعه قراسنقر، وأعلمهم بقدوم الأمراء، فسار خلفهم.
وأما أمير حسين بن جندر فإنه وصل إلى حمص ومعه ثُقل الأفرم، وأحضره بين يدي أرغون، وحدثه بجميع ما جرى له، وفي الحال جهز أرغون بَريديًا إلى السلطان يُعْلم أن الأفرم قد هرب وراح إلى مهنا، وقد ساقوا خلفه فلم يلحقوا إلا ثقله فأخذوه وأحضروه إلى دمشق، ونحن نازلون على حمص، هم نزول على القسطل، وكشافتهم عندنا ليلًا ونهارًا، وربما يكاتبهم بعض الأمراء الذين عندنا، وقد اجتمعت عندهم جماعة كثيرة، قيل: إنهم أكثر من خمسة آلاف نفس.
وأما قراسنقر فإن الأمراء قد اجتمعوا به وتشاوروا فيما بينهم فيما يعملون به، ومهنا معهم، وكل واحد منهم رأي رأيًا: فقال الزردكاش: اعلموا أن كل شيء فيه تأخير يكون للشيطان فيه تدبير، وعندي من الرأي أن نركب جميعًا ونسوق ونكبس العسكر الذي على حمص مع أرغون، ثم نعبر دمشق وقد انتظم لنا الأمر كما نريد، وينضم إلينا كل مَنْ في الشام، وما دمنا نحن في هذه البرية لا يجئ إلينا أحد ويقل عددنا ونضعف، فقال الأفرم: والله، صدقت. فقال مهنا: هذه هي المصلحة، غير أنا نخاف أن يهلك بيننا مسلمون، ونعدم شيئًا كثيرًا، فيتعلق ذلك برقابنا، بل الرأي عندي أن نكاتب الأمراء الذين على حمص، فلعلهم يوافقوننا، ونعدهم بكل جميل، فإذا مالوا إلينا هان أمرنا بغير حرب ولا قتال مع المسلمين. فقال الزردكاش: هذا الأمر لا يتم لكم، وسوف تعلمون قدر كلامي. فقال مهنا: أنت يا أيبك رجل جاهل، وهذا ما هو بمصلحة.
فبينما هم في الكلام جاء حاجب مهنا، وقال لهم: جاء علاء الدين بن دبيس ومعه مملوك السلطان، فقال له مهنا خَلِّه يحضر، فأذن لهما، فدخلا على مهنا، وسلما عليه وعلى