للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مماليكك، وكل شيء في خاطرك أشرحه حتى أزيل الذي لا ينفعك، وهذا الخيال الذي تخيلت به ما وقع في [خاطري] (١)، والله العظيم، فانظر بين يديك ومن ورائك، ولا تشمت بك أعداءك، فقرأ الكتاب على الأمراء جميعهم.

ثم إن قراسنقر التفت إلى مملوك السلطان، وقال: بطل حكم هذا الكتاب، لأني كنت أولًا وحدي، والآن صرنا جماعة، فقال مهنا للمملوك ولابن الدبيس: رُوحَوُا الآن واستريحوا، فقاموا وراحوا، وبعد خروجهم قرأ مهنا كتابه على الأمراء، فقال الأفرم: يا لدين محمد، ما يأمن إلى هذا السلطان إلا مَنْ ليس له عقل، أين هذا الكتاب من هذا الكتاب؟ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ثم تحدث كل واحد منهم على مقدار عقله، وقال لهم مهنا، وأنا ما أمكنكم من الرَّوَاح إلى بلاد العدو أبدًا، ونفسي دون نفوسكم، فنقيم في هذه البلاد على هذه الصورة، وأكتب إلى السلطان بأن يعطيكم الرحبة وقلعة البيرة وقلعة الروم وبهنسي، وأنتم تدركون الأطراف، وأخبازكم على حالها، فإذا أجاب وأقمتم في هذه الأطراف أمنتم شره، وأنا ظهركم، وتكون البرية حصننا، فأي وقت ظهر لكم منه شرٌ، اخرجوا من البلاد إلى البرية، وهي قريبة منكم، فقالوا: هذا رأي جيد، غير أنها تريد أن تحلف لنا أنت وأخوك محمد وابنك سليمان، فقال لهم: نعم، فاجتمعوا، وحلفوا كلهم بأيمان مغلظة على أنهم يد واحدة، يعيشون جملةً واحدة ويموتون جملةً واحدة، ولا يتخلف بعضهم عن بعض.

ثم كتب مهنا إلى السلطان، وطلب هذه الأماكن المذكورة، وذكر في كتابه أيضًا:

أما ما ذكره مولانا السلطان أني خيرت قرا سنقر عليه، فهذا شيء لا يكون أبدًا، ولولا مولانا السلطان ما عرفت أنا قراسنقر ولا غيره من الترك، غير أن قراسنقر قد جاز على المملوك وهو في بيته، وقد لزم المملوك أن يؤدي حقه بكل ممكن لأن


(١) خاطره: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>