للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عادة] (١) العرب من قديم الزمان أن لا يُضام نزيلهم، ولو كان هذا غريبًا أجنبيًا جاز على بيتي بذلت روحي دونه، ولاسيما هذا رجل كبير أمير من الأمراء الكبار، فكيف كان يليق بالمملوك أن يغدر به أو يشوش عليه وهو نزيله، ومع هذا المملوك ما عمل شيئًا قبيحًا فإنه عوقه عنده، ولولا المملوك لكان قد ذهب إلى بلاد العدو من زمان، ومما يذكره المملوك أن جماعة من الأمراء أيضًا قد وصلوا إلى المملوك وفيهم الأفرم والزردكاش وغيرهما، وقد سألوا المملوك بأن يسأل مراحم مولانا السلطان ويتصدق عليهم بالقلاع المذكورة التي في أطراف البلاد التي لا يحصل لمولانا منها فائدة، وهم يتدركون البلاد ويكونون تحت ظل هذه الدولة القاهرة، والمملوك يضمنهم في كل ما يجري منهم، فإن قبل مولانا السلطان كلام المملوك وسؤاله هذا يرسل مملوكًا من مماليكه فيُخْلِي لهم هذه القلاع، والمملوك يوديهم إليها، وإلا فهم مصممون على الرواح إلى بلاد العدو، ويكون المملوك قد عَرَّف المصلحة وما قُبل منه، فإن نقل ناقل خلاف ذلك فقد كذب، فإن المملوك على حلفه للسلطان بأن لا يتخلَّى عنه ولا يخونه.

ثم إن مهنا أوقف الأمراء على هذا الكتاب، ثم سلَّمه إلى حاجبه وأمره أن يُسيَّره إلى السلطان، ثم يأتي بجوابه، فركب المذكور وسار.

ثم بلغ مهنا أن أرغون سائر إليه وإلى الأمراء الذين عنده، فكتب إليه:

يا أرغون، لا يلعب أحد بعقلك بالركوب إلينا، والله العظيم، ما أخلِّي أحدًا يخرج معك، فاسكن في موضعك، فإني كتبت إلى السلطان كتابًا وأنا مُنتظر جوابه، فإذا حضر الجواب كان لنا الرأي بعد ذلك فيما يُفعل.

وأما قرا سنقر فإنه أرسل إلى بيبرس العلائي والأمراء الذين على حمص مع أرغون لكل واحدٍ منهم كتابًا ومعه ألف دينار، وقال لهم: أنتم تظنون أن الملك الناصر إذا أخذني يخلِّي منكم أحدًا؟! والله، بعد أن يأخذني ما يخلي منكم ذقنّا، فهلموا بنا حتى نتفق ونملك الشام، فأي وقت حلفتم لي ووافقتموني، أطاعنا الشام كلها، وإن خالفتم فأنا


(١) عادت: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>