للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معهم، وقالوا: والله، إن عيشنا عيش قدر (١) نكد، ونحن في هذه البراري قلا نشبع ولا نستريح، فلماذا نُضَيِّع حالنا وأولادنا وأوطاننا ونخالف السلطان، فالرأي أن نكبس بالليل على الأمراء وعلى مهنا أيضًا ونقتلهم، ونأخذ رؤوسهم ونذهب بها إلى الملك الناصر، فتحالفوا على ذلك [وفوضوا] (٢) أمرهم إلى أمير التركمان علاء الدين بن الدربساكي، واتفقوا على أن يكون عملهم بهذا ليلة الجمعة، وكان اتفاقهم يوم الثلاثاء.

فخرج ابن الدربساكي واجتمع بالأفرم وحكى له جميع ذلك، فاجتمع الأفرم بقراسنقر وأعلمه بذلك، وكانت عدة المماليك نحو ألف وخمسمائة مملوك غير [التركمان] (٣)، فلما سمع قراسنقر بذلك تَحَيَّر، ثم قال: قوموا بنا إلى مهنا، فجاءوا إلى مهنا وأخبروه بذلك، فقال مهنا، والله حسبت هذا الحساب، والرأي عندي أن نفرق هؤلاء المماليك فإنهم مضرة غير منفعة، ثم قال لبعض عبيده: اطلب لي سليمان، فلما حضر حكى له الحكاية، ثم قال له: البس أنت وعبيدك وأعمامك وإخوتك، وألبس معك ثلاثة آلاف فارس من العرب، وتحضر بهم عندي قبل العصر، وإياك أن تعلم به أحدًا

فخرج سليمان من عنده على هذا، ومكث قراسنقر والأفرم عند مهنا إلى العصر، فحضر سليمان ومعه ثلاثة آلاف فارس في عدد كاملة.

ثم طلب الأمراء مماليكهم، فلما حضروا كلهم، قال لهم الأفرم وقراسنقر:

اعلموا يا أولادي بأنكم ما قصرتم فيما فعلتم، وخدمتم كما ينبغي، حيث تركتم أولادكم وحريمكم وجئتم معنا إلى هذا المكان، وهذا المكان فيه شقاء وتعب وجوع وعدم راحة، وهلكت خيولكم وتلفتم أنتم، والمطلوب نحن، وما عليكم شيء، وقد رأينا المصلحة أن تروحوا إلى أهليكم وأولادكم، فإن انصلح أمرنا كنتم مماليكنا على عادتكم، بل نعمل معكم خيرًا أكثر مما في خواطركم، وإن كانت الأخرى كنتم أنتم عند أولادكم.


(١) قَدر: ضَيَّق.
(٢) وفضوا: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٣) التركماني: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>