للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنظر المماليك بعضهم إلى بعض، ورأوا العرب ملبسين مستعدين وسليمان على مقدمتهم، فعلموا أنهم علموا بحالهم، [فقالوا] (١) السمع والطاعة، غدًا نروح، فقال مهنا: والله، ما أخلّي أحدًا منكم يمشي في هذا المكان، فَشيَّعُوا الجميع، غير أن كل أمير منهم خلَى عنده عشر مماليك أو اثني عشر ممن يثق بهم ويعتمد عليهم، وكذا شَيَّعُوا التركمان.

وقال الأفرم لابن الدربساكي: أنت اليوم مقدم التركمان، وربما تنفعنا في يوم آخر.

فركب ابن الدربساكي وأخذ التركمان معه، وسار يطلب حمص، ولما وصل إليها راح إلى أرغون واجتمع به، فقال بيبرس العلائي: هذا قد كان مع الأفرم، والآن قد جاء ومعه خلق من التركمان، فأوهم أرغون من ذلك، فقال له أرغون: كيف كان رواحك إليهم ثم مجيئك عندنا؟ قال لا شك أن الأفرم كان حاكمًا علينا، وكنا تحت أوامره، فلما طلعنا معه إلى مرج حين أخرج كتابًا مزورًا بأن الأمراء الذين على حمص قد اتفقوا على أنهم يسلطنوني، وأنا رايح إلى حمص، وأن أرغون قد حلف معي، فاعتقدنا أنه صحيح، فلما نزلنا من الجبل أخذنا وراح إلى ناحية مهنا، وكنا عاجزين في ذلك الوقت، لأنه كان معه جمع كثير، فصرنا معه حتى وصلنا إلى مهنا، فلما كان أول أمس أعطى الأمراء لمماليكهم دستورًا فتفرقوا، وما بقى عندهم أحد، فركبت أنا في الليل وخرجت من عندهم بالتركمان الذين كانوا معي، فقال له أرغون: طيب قلبك ورح استرح، فخرج من عند أرغون، فقالت الأمراء: لم ما مَسَكتَ هذا الشيطان، هذا هو (٢) الذي أثار الفتنة؟ فقال لهم أرغون: إذا جاء وقت العصر مسكناه، فسمع بذلك بعض تركمان حمص، وأعلم لابن الدربساكي بذلك، فركب يطلب حلب، لأن بيوته كانت قريبة من حلب، وسمع أرغون بأنه هرب، فأركب وراءه الخيل، وأرسل بطاقة إلى حلب، إلى الأمير قرطاي الحاجب، بأن: ساعة وصول ابن الدربساكي تقبض عليه.

وأما ابن الدربساكي فإنه سمع في الطريق أن بيوته راحت إلى بلاد مرعش، فسار


(١) فقال: في الأصل.
(٢) هو: في هامش الأصل، ومنبه على موضعها بالمتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>