للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمهنا ولا لقراسنقر عندي ولا الأفرم جواب، دعهم يفعلون ما يريدون، فعليهم الهرب وعَلَىَّ الطَّلَب.

فخرج ابن موسى وحاجب مهنا من مصر طالبين، فوصل ابن موسى ومعه منشور إلى عمه بالإمرة، ومعه كتاب إلى أرغون بأنه يسوق خلفهم أينما كانوا، ووصل حاجب مهنا وليس معه جواب، وأخبر لمهنا أن خبزَه قد خرج لفضل بن عيسي وشُطِب على خُبز سليمان.

فقال مهنا: أنا خرجتُ من الخبز وعن البلاد من اليوم الذي جرى هذا الأمر، وجاء له الخَبر بأن السلطان أرسل إلى أرغون بأن يسوق خلفهم، ولا يرجع عنهم، وأنه مع الأمراء في تجهيز الروايا والقِرَب، فقال قراسنقر: كيف يكون احتيالنا؟ قال مهنا: إش جرى؟ إن جاءوا يرجعون مثل الكلاب، وأنا لي كشافة عندهم يكشفون أخبارهم ليلًا ونهارًا، فكلما يتقدمون نتأخر نحن إلى البريَّة ولا نبالي نحن، لأن معنا الأكل والشرب، فالشرب من ألبان الإبل والأكل من فصلاته (١)، ثم أمر سليمان ابنه أن يأخذ معه خمسمائة فارس يكونون وراءهم، فأي من تقدم منهم للكشف يأخذونه، فإن كان من الأجناد لا تؤذونه لأنه خرج غَصْبًا، وأي من ظفرتم من العرب فاقتلوه.

ثم إن مهنا رحل من القسطل.

وأما أرغون فإنه جرد ثلاثة آلاف فارس مع كجكن وغرلو، وقال لهم: سوقوا خلف مهنا، فساروا إلى سلمية، ومنها شالوا الماء في القِرَب والروايا ورحلوا، ثم نزلوا على الشجيرة، ثم رحلوا طالبين القسطل، فلقوا في ذلك اليوم مشقة عظيمة، وكان يوم صيف شديد الحر، وحَمى عليهم البر، وقل الماء، وهم يرجون أن يكون في القسطل ماء، وسار بهم العرب مسيرة ثلاثة أيام حتى جاءوا إلى الماء، ثم من أين للجند راوية يجيب فيها ما يسقي خيله؟ فأخذهم سليمان، وبات العسكر في [القسطل] (٢) في


(١) الفصيل: ولد الناقة إذا فصل عن أمه، لسان العرب، مادة: فصل.
(٢) القصطل: في الأصل، والتصويب مما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>