فلما سمع خربندا بذلك أرسل وراء بزلار، وكان في كنجا، فلما حضر خلع عليه وعلى البيسري خُلعة سَنية وأعطاه فرسًا من الخاص، وقال لهما: اذهبا إلى الأمراء ولهم الأمان وما يريدون، فلما وصلا إليهم فرحوا بذلك، وسَيَّرُوا لخربندا هدايا وتحفًا، وكان معهما كتاب من خربندا مضمونه:
بسم الله الرحمن الرحيم، من أخيهم خربندا محمد، الذي يعلم به الوالد شمس الدين قراسنقر والأمراء، أعزهم الله تعالى، أنه وصلني كتابكم وعلمت مضمونه، وحدثني الأمير بدر الدين البيسري ما كان معه من المشافهة، وعلمت مقصودكم، فتجهزوا وأحضروا طيبين القلوب منشرحين الصدور منبسطين الآمال، وكل مَنْ خَلَّى في بلده شيئًا من الغنم أعطيته عوضه فرسًا، ومَنْ خَلَّى درهمًا أعطيته دينارًا، وبلغني أنكم كنتم خائفين من مدة أربع شهور، وعَوَّقكم عن الحضور كلام المبغضين، لأنهم قالوا لكم إذا رحتم إلى خربندا ربما لا يأمن إليكم، وربما يُهلككم، لأن الأمير قفجق، نائب الشام، غَيَّر أيام قازان، ثم رجع وترك المُلْك، وليس فيه شيء، لأن قفجق قد أتى إلينا مستجيرًا مما قد حَلَّ به من الأمور، وما رأينا منه إساءة، ووعدنا له أن يُكْشف ضُرُّه ونُعيده إلى دمشق كما كان نائبًا، فلما ملكنا دمشق وَلَّيناه نائبًا كما كان، وأنه كان ناصحًا لنا ودبر جيشنا، والدليل على ذلك أنه لما كان دليل عسكرنا انتصرنا وكسرنا عسكر الشام، وفي المرة التي توجه عسكرنا بدونه انكسرت عسكرنا، ولو كان حَيًّا وكان عندنا، كان هو المدبر الأمورنا والمتولي لمصالح بلادنا، فاصفوا نياتكم، وتوجهوا إلينا، ولا تحملوا هَمَّ نسائكم وأولادكم، فإن شاء الله تعالى، أجمع شملكم كما تريدون.
وكان قراسنقر والأفرم ومن معهما، من حين سافر البيسري، عزلوا بيوتهم عن بيوت مهنا، فلما جاء البيسري بهذا الخبر، اتفقوا على الرواح، وما أصبح الصباح إلا وهم قد ركبوا ملبسين وشالوا خيامهم، وبلغ ذلك مهنا فركب، وركب معه العربان، فقال لهم: إش هذا؟ فقالوا: جزاك الله عنا كل خير، لقد عملتَ معنا ما لم يعمله أحد، واجتهدت