للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غاية الاجتهاد، وضيعتَ أموالًا بسببنا، غير أنا رأينا الأمر يطول، وهذا السلطان ما يحصل لنا منه خير، ومتى ما ظفر بنا ما يشرب علينا ماءُ، ثم بكوا (١) بالضجيج والعجيج (٢).

وبكى سليمان ومهنا والده، ثم دخل عليهم مهنا أن لا يروحوا إلى ديار الغربة، فما رآهم إلا وقد صمموا على الرواح، ثم ساروا وودعوا مهنا وولده وهم يبكون، وقراسنقر على أولهم، ولسان حاله ينشد يقول:

إذا رشَقَتْ قلبي سهامُ المصائِب … وفاضت دموعي من جفوني السَّحَائب

وزادت بي الأشواق أقلقني الضَّنَى … ولا لي طريق على سبيل الحبايب

تَرحَّلْت عن أرض الشام وخَصْبها … على الرغْم منِّي بعدَ شِيب الذَّوَائب

وسِرْتُ بأبطال كِرامِ وسَادَةٍ … يُجيبوا النِّداء يوم ازدحام المواكِب

عسفت بهم بَرًا وقفرًا موعرًا … على جوالٍ يجيَح الغياهب

إذا ما رخى الليل البهيم ستُورَه … تُعَارضني الأشواقُ من كلِّ جَانب

وتنفر غزلان الفلا من هديرِنا … ويجفل مَنَّا غُولُها وهو راعب

ونحن على جرد قداح ضوامرٍ … طوال الهوادي لبنات المراكب

نسير إلى قبل هُمام غضنفرٍ … من أولاد خاقان جزيل المواهب

مليكٌ من الترك الصناديد أصلُه … له الفخر بين الناس سهل المطالب

فإن تُجرِّبَنَّه للنوال فحاتم … وما مثله في شرقها والمغارب


(١) بكون: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق، ينظر ما يلي.
(٢) العجيج: رفع الصوت بالصياح، لسان العرب، مادة: عجج.

<<  <  ج: ص:  >  >>