للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصدناك يا شمس الملوك محمدٌ … تلقَّبُ خَرْبندا العظيم المناقب

تكون لنا حِصْنًا ومُرْتَجَى … فأنت الذي تُدعَى لكشفِ النَّوائب

ثم قال قراسنقر لسليمان: يا علم الدين، لقد أَوْلَيتنا بالجميل ما يعجز عن مكافأته، فلله درّك من ملك ما أكرمه، ومن همام ما أَجَلَّه، فلا أخمد الله نارك، ولا كلَّ (١) بتَّارُك، فارجع راشدًا، فقال: وذمة العرب ما أرجع حتى تصلوا إلى مأمنكم، فسار معهم إلى سنجار، ثم ودَّعهم وعاد.

وكان يوم دخولهم سنجار يومًا مشهودًا، لأنه وقع النداء في سنجار: أيّ مَنْ لا يخرج ومعه شمعة راحت روحه، فلم يبق فيها أحدٌ من الرجال والنساء والكبار والصغار إلا وقد خرج، ونثرُوا عليهم الدراهم والدنانير، ثم إنهم نزلوا في جوسق (٢) بخارج سنجار، كان الأمير بدر الدين لؤلؤ بناه، ولما رجع سليمان أعلَم والده مهنا بأنه شَيَّعهم إلى سنجار.

ثم كتب مهنا إلى الملك الناصر يُعْلمه بأنهم عبروا إلى التتار، وأَني نصحتك فما قبلت، وما كان كلامي إلا إصلاح بلادك، وصلاح مماليكك، وما بقيت ترى مثل هؤلاء الأمراء، والرأي رأيك.

وأرسل كتابه مع ابن أخيه إلى مصر من الرحبة.

ونائب الرحبة الأزكشي أرسل إلى نائب دمشق [يُعْلِمه] (٣) برواح الأمراء ولما تحقق السلطان ذلك طلب مملوكه سودي وولاه نيابة حلب، وقال له: اركب من ساعتك هذه ورُح إلى حلب، فركب من ساعته وخرج، ثم بعد خروجه طلب السلطان تمر الساقي، وقال له: خذ معك ألف فارس واخرج بهم إلى الشام، واعبر إلى حمص وامسك بيبرس العلائي، فإن بيبرس هذا كان في العسكر مع أرغون، وكان قد أرسل


(١) أكل: في الأصل.
(٢) الجوسق: القصر، معربة، ينظر مختار الصحاح، مادة: ج ق.
(٣) يعلمهم: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>