للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خيمة هائلة قد (١) نُصبت له، ونصبوا قُدَّام الدهليز صوانًا يظل خمسمائة إنسان، ثم جلس وأجلس الأمراء كل واحد في منزلته.

ثم إن خربندا قال: يا شمس الدين، حدثني بالذي جرى عليك مع السلطان الناصر، قال: فحدثه بالقصة من أولها إلى آخرها، فقال خربندا: يا أمراء، الآن تَحققتُ أمرَكم وصِدْقَكم، فطيبوا خواطركم واشرحوا صدورَكم، فقد وصلتم إلى مقصودكم، فإن تركتم في الشام مَالًا أُعوض لكم بأكثر منه، أو إقطاعًا فأعطيكم أحسن منها، أو حُكْمًا فقد حَكَّمْتُكُم في جميع بلادي، وبلادي لكم مُبَاحة، فأي شيء أردتم منها خوَّلتكم فيه، فعند ذلك قامت الأمراء على أقدامهم، ودعوا له بالدوام والبقاء، فأمرهم بالجلوس، ثم خلع عليهم، وأنعهم عليهم، وأطلق لهم شيئًا كثيرًا، وطلب أميرًا يُقالُ له: دَرَقلي، وقال له: واظب خدمتهم ليلًا ونهارًا، وأي شيء طلبوه أحضر لهم سريعًا.

فبينما هم في ذلك، فإذا بغلبة عظيمة على الباب، فقال خربندا: ما هذا؟ فخرج جوبان وسأل عن ذلك، [فقال] (٢): يا مولانا في اليوم الذي قفز الفداوى على الأفرم طلبنا شِحْنَة تبريز والنائب بها، وقلنا [لهما] (٣): هذا الفداوى ما جاء وحده، ولا بد أن يكون له رفيق، وما أعرف رفاقه إلا [منكما] (٤)، وقد أحضروا كل غريب أنكروا عليه، وأمر خربندا لجوبان أن يحبسهم ويعذبهم بأنواع العذاب حتى يظهر الغريم، وإذا بالأفرم قد تقدم وقَبَّل الأرض، فقال خربندا: ما بال الأمير جمال الدين؟ فقال: أطال الله عمر الخان، إن عَلمتَ هكذا يحصلُ للناس ضرر ويجفل المترددون، فقال خربندا: إنما عمل هذا لأجلك، فقال الأفرم: اسأل من صدقات الخان أن يَعْرضوا عَلَىَّ هؤلاء الذين مَسَكوهم لأن المملوك عَمِل نيابة الشام ويعرف الفداوية والقصاد جميعهم، فإن كان في هؤلاء أحدٌ منهم قبضنا عليه، وإلا أطلقناهم صدقة عن الخان، فقال له:


(١) قد: مكرة في الأصل في آخر ٣٥٧، وأول ٣٥٨.
(٢) فقالوا: في الأصل، والتصويب يتفق مع كون الكلام على لسان جوبان، ينظر ما يلي.
(٣) له: في الأصل.
(٤) منكم: في الأصل، والتصويب مما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>