للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرج وافعل مثل ما تريد، فخرج الأفرم وعرضوا عليه الممسوكين فوجًا فوجًا، وهو يطلقهم، ويقول ما في هؤلاء أحد من أرباب الشُّبْهة، فأطلق الجميع، فلما سأله خربندا، قال: هؤلاء كلهم تجار ومترددون، وقد أطلقناهم صدقة عن الخان، فقال خربندا: إنما فعلتُ ذلك لأجلك، ثم خَلَع عليه وعلى سائر الأمراء وأعطاهم دستورًا، فساروا إلى الوطاق.

وأما قضية هذا الفداوي فهي عجيبة، وذلك أن هؤلاء الأمراء لما قفزوا، وبلغ السلطان ذلك، كان سَيَّر إلى نائب مصياب وأمره أن يرسل اثنين من الفداوية مشهورين بالشطارة والنهضة إلى نائب الرحبة، وهو يرسلهما مع قُصَّاد ثِقات إلى تبريز، ويَعِدُهما أنهما إذا قَضَيا الشغل كما يريده السلطان فلهما ما أرادا، وكان نائب الرحبة بدر الدين الأزكشي، وكان رجلًا جيدًا مشكور السيرة، فلما وصل الاثنان منهم إليه، سأل من مماليكه الذين يَعْتمِد عليهم في أسرَارِه عن رجلٍ ثقة معروف خبير بالطرقات نسفره مع هذين الاثنين من الفداوية، فقال واحد، وهو المهمندار، [هاهنا] (١) قاصد من أهل الحديثة يقال له: عَلِيّ بن المعلم، وهو من المترددين إلى دمشق، وهو رجل معروف، فقال بدر الدين: اطلبوه.

فلما حضر بين يديه ذكر له هذه القضية، فإن قضاها يكون له اليد البيضاء عند السلطان ويحصل له خير كثير، فقال: السمع والطاعة، نبذل مجهودنا في طاعة السلطان ولو راحت أرواحنا، ثم قال: ما جل المقصود؟ قال: قَتل قراسنقر والأفرم، فلما سمع ذلك تبسم وقال: والله العظيم، هذا كان في خاطري بأن أروح إلى دمشق وأشاور نائبها في ذلك وآخذ معي فداوية وأذهب بهم إليها وأقتلهما، فلما سمع الأزكشي بذلك فرح وخلَع عليه، وأحضر هذين الاثنين من الفداوية وسلمهما إليه، وأمرهما أن يمتثلا ما قاله، وسَلَّم إليه سكاكين مختومة ومائتي دينار.

فخرجوا وساروا في زي تجار ومعهم صابون، مع كال واحد حماران يطلبون


(١) ههنا: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>