للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتقدم في ذلك الوقت الأمير الزردكاش وقَبَّل الأرض، فسأله خربندا عن مقصوده، فقال: أطال الله عمر الخان، المملوك أخبر الناس بالتركمان، وقد جاورهم المملوك عشر سنين، فإن رسم الخان أن يعطيني ثلاثين ألفًا من العسكر آخذهم وأسير بهم إلى الروم، وأخرب بلاد التركمان، وأقتل رجالهم، وأنهب أموالهم، ولو أن عسكرهم مائتا ألف فارس، فإذا كسرتهم آخذ الجيش وأنزل إلى حلب.

فلما سمع خربندا بذلك فرح فرحًا شديدًا، وفي الحال جهز معه ثلاثين ألف فارس، وسيره إلى الروم، ثم ركب خربندا وسار يطلب شهروز، وقام جوبان ومعه قراسنقر والجيش الذي عينه خربندا معه وساروا يطلبون ديار بكر.

وأما الأفرم فإنه لعب عليه جرحه، الذي كان الفداوي جرحه على ما ذكرنا (١)، فأمر خربندا أن يقيم في تبريز، فقبل الأرض، وقال: قتلى أهون عَلىَّ من المقام، فأشتهي أن لا تقطعني من العسكر، فقال خربدا: ما قلت لك هذا إلا شفقة عليك، ثم أمر بأن يحملوه معهم في محفة، فحملوه كما أمر.

ولما وصل خربندا إلى شهروز سمعت بذلك أكابر الدولة من الأكراد مثل: أمير على، وشمس الدين، والشهروزي، والغرز، وكان هؤلاء أكبر مماليك الأكراد، فقال لهم الغرز: اعلموا أن خربندا جاء يريد العبور إلى بلادنا، ولا غنى لنا عن النزول إليه، لأنكم ما تقدرون على العصيان عليه، وكان خربندا يهادى الأكراد، ويهاديهم كل وقت.

قال الراوي: فلما سمع الأكراد كلام الغرز قالوا له: صدقت، لكن أمرنا كله للشيخ شرف الدين بن الشيخ عدي.

فبينما هم في هذا الحديث إذ وصل رسول خربندا إلى الغرز فطلبه، فجهز الغرز شيئًا كثيرًا من التقادم لخربندا، وأرسل ابنه الأمير على إلى الشيخ يشاوره في أمر المسير إلى خربندا، فرد عليه الشيخ يقول: إياك والرواح إليه، فإن سمعتم مني تحصنوا


(١) ينظر ما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>