في جبالكم، فوالله، أي وقت ظفر بكم ما يخلى أحدًا منكم.
فلما وصل ابن الغرز إلى أبيه بهذا الحديث من الشيخ، قالت الأكراد: صدق الشيخ فيما قال، فقال الغرز: لا تفعلوا، فإنكم متى عصيتم يخرب البلاد والقرى التي في لحف الجبال كلها.
ثم إن الغرز لعب بعقول بعض الرجال من الأكراد، وأخذ معه الحسام الشهروزي، ونزل إلى خربندا، وقدم ما معه من التقادم لخربندا، فقال خربندا: وأين الشيخ؟ فقبل الغرز الأرض وقال: أطال الله عمر الخان، إن الشيخ أي وقت نزل من الجبل يقع السيف بين الأكراد فيقتل بعضهم بعضا لأنهم ما لهم عقول، ولولا الشيخ بينهم لكان بينهم كل وقت حرب وفساد، فسكت خربندا على مضض منه، لكن يريد أن يلاطفهم رجاء أن ينزل الشيخ ويقبض على الجميع.
فنظر الغرز وإذا بالأفرم والزردكاش مع خربندا في منزلة عالية بالقرب منه، فسأل عنهما الغرز، فقال له خربندا: هؤلاء تَجَبَّر عليهم الملك الناصر، ونحن سائرون إلى إعانتهم لأجل حمية الإسلام، ويجب على كل مسلم مساعدتهم لأنهم قد فارقوا أولادهم وبلادهم وقد ذلوا بعد العز، ثم قال له: يا غرز الدين أريد منك أن تركب معي في عشرة آلاف نفس من الأكراد، وعندي كل ما تريد من الدنيا، ويكون لك يد بيضاء عندي.
فقبل غرز الأرض وقال: أيها الملك، طب نفسا وقر عينا، فلو طلبت مني عشرين ألفا لكنت قادرا عليها، لكن أريد من الخان أمرا تفعله، فقال: وما هو؟ فقال: إن الشيخ رجل جليل القدر، وجميع الأكراد يسمعون منه، وما يخلى لنا رأيا في أمر (١) نفعله، ونحن في تعب معه في هذا الجبل إلى غاية ما يكون.
وكان الغرز صاحب مكر وخديعة، فتحيل بهذا الكلام، ولما سمع خربندا بذلك فرح، وبقى في النار من جهة الشيخ، ثم قال له: فماذا يكون العمل؟ فقال: تخلصنا منه،
(١) في أمر: في هامش الأصل ومنبه على موضعها بالمتن.