للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال خربندا: وكيف الوصول إليه؟ فوالله، لو وقع في يدي ما خليته يشم الهواء، فقال الغرز: أنا أجيبه بلا تعب ولا نصب. قال: وكيف تعمل؟ فقال تجهز معي في هذه الساعة رسولًا من عندك ومعه خلعة للشيخ وبعض هدية، فإذا وصلنا إليه تحدثه بما رأيت منك من المحبة والمودة والنية الحسنة، وأطمعه منك بكل لما يريد، فإذا نزل إليك لا تخله يعيش ساعة واحدة، وأي وقت قتلته بقيت الأكراد قدامك مثل الغنم.

ولما سمع بذلك خربندا، ظن أنه صحيح، ففي الحال أمر أن يجهز للشيخ وأصحابه عشرة خُلع مذهبة، وكتب له توقيع بالموصل، وخلع على الغرز خُلْعة سَنية، فقال له: إن جئت لي بالشيخ أعطيتك جبل هكار والموصل وأعمالها، فقال الغرز: لا تعرف هذا إلا مني، لكن بشرط: أنه إذا وقع لك تقتله ولا تستبقيه.

وكان خربندا كلما سمع بهذا وتحريض الغرز على قتل الشيخ كان يفرح بالوقوع بينهم، ويقول في خاطره: إذا قبضت على الشيخ والغرز أجوز إلى الجبل وأُهلك كلَّ من فيه من الأكراد، ثم جهز مع الغرز رسولًا من المغل أميرًا، وقال له: سر إلى الشيخ.

وكان عنده أمراء الأكراد فأراد أن [يخليهم] (١) عنده، فقال الغرز: أي وقت بقى عندك منهم أحد ينكر الشيخ علينا (٢) في الأمر الذي نريده، فالمصلحة أن تطلب الأمراء وتخلع عليهم، وتأمر لكل واحد منهم أن يأتيك بألف فارس من عشيرته وقومه، قال خربندا: فإن كانوا يعصون علينا إذا راحوا وطلعوا إلى الجبل، فقال الغرز: ضمانهم علىّ بالطاعة، فطلب خربندا الحمام الشهروزي وجميع أمراء الأكراد فخلع عليهم، وطلب من كل واحد منهم بأن يأتيه ألف فارس ونفقتهم علىّ.

فركب الغرز وهو لا يصدق بالسلامة من خربندا، وركب معه الرسول بمائة فارس، وساروا يطلبوا الجبل، فلما جاوزوا دربند الجبل، قال الحسام الشهروزي للغرز: إش هذا التدبير الذي دبرت؟ فقال: والله لولا هذا التدبير لكنا شربنا كأس الحمام،


(١) يخليهم: في الأصل وهو تصحيف.
(٢) إذا راحوا وطلعوا إلى الجبل: في الأصل، ومشطوب عليها، فهو سبق نظر من الناسخ، ينظر ما يلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>