فمكري وخداعي هو الذي خلصكم من شباك البلايا، وقد سلمتم ووصلتم إلى الجبل فمن هاهنا افتصلوا بأرواحكم، فقالوا: نروح كلنا إلى الشيخ ونأخذ رأيه، لأنه قال لنا لا تنزلوا وما قبلنا منه فنزلنا، فساروا حتى نزلوا على الشيخ.
وكان الشيخ في قرية تسمى لاكش، فلاقاهم الشيخ، وأنزل الرسول ومن معه في مكان أخلاه لهم، فاجتمع بالغرز والأمراء، فسألهم عما لقوا من خربندا، فحدثه الغرز وقال: لولا عملت عليه حيلة ما سلم منا أحد، ثم أحضر الخُلَع والخَوائص والخيل، وذكر له ما قال خربندا عنه، وقال له أي وقت نزلت إليه ما يخلى من الأكراد لا كبيرًا ولا صغيرًا، وأخبرهم بأنه نزل إلى الشام وقد طلب منى عشرة آلاف فارس فتبسم الشيخ وقال: سيرهم يا غرز حتى يغزون في المسلمين ويكون الثواب لك.
ثم إن الأكراد حلفوا للشيخ أنهم ممتثلون أمره وسامعون قوله وأنهم ما يموتون إلا بين يديه، فقال لهم: يا جماعة، اعلموا أن خربندا نازل إلى الشام، وقد أطمعه الأفرم وقراسنقر في بلاد الشام، وعلى كل حال التتار أطمع الناس، وأنا، أقسم بالله العظيم، لو ملكوا الشام ما خلوا الأفرم ولا قراسنقر ولا غيرهما، واعلموا يا أمراء إذا لم ننصر إخواننا في الإسلام نروح مع الكفرة اللئام، فإذا نصرناهم فأين نروح من الله عز وجل، ثم إنهم اتفقوا بأن يمسكوا الرسول ومَنْ معه، فقال الشيخ: ما هو مصلحة، بل نرده عنا.
فلما أصبح الشيخ طلب الرسول، وعنده أمراء الأكراد وبين يديه أكثر من ألفي كردي بأيديهم السيوف، فلما حضر الرسول، لم يقم له الشيخ ولا قال له اقعد، بل قال للترجمان: قل له فيما أتيت؟ قال الرسول: جئت من عند ملك الأرض خربندا بأن تنزل إليه أنت وأصحابك ولك منه ما يسر قلبك، فقال له الشيخ: أنا رجل كبير وشيخ مقيم في هذه الجبال، ولولا أرد الأكراد عنكم وعن البلاد ما خلوكم تقرون، وأى وقت نزلت من الجبال أكل بعضهم بعضًا، فإذا نزلوا من الجبال أخربوا البلاد وأفسدوا في العباد، فارجع وأعلم خربندا أنني ما أقدر على النزول إليه، فقال له الرسول: لا تفعل هذا فيكون سبب