للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هلاك الأكراد ويركب إليك خربندا ببعض التوامين فلا تقدر حينئذ على دفعهم.

فلما سمع الشيخ بذلك قال له: اخسأ يا كلب، ومَنْ خربندا من الكلاب؟ ويلكم (١)، أخرجوه عني، فأخرجوه من عنده، فلما خرج طلب الغرز، فخرج إليه وحوله جماعة من الأكراد، وقال له: مالك سَكتَّ والشيخ قد أخرق بي هذا الإخراق العظيم؟ فقال له الغرز: أحمد الله الذي قد أخرجك من عنده سالمًا، ونحن قبل دخولك عنده شفعنا فيك، وإلا كان أمر بضرب عنقك، رح إلى خربندا وقل له يقطع طمعه من الأكراد وجبالها، ويلك، نحن نذهب ونغزو المسلمين؟! فإش هذا الفعل الفاسد؟ فرجع الرسول وهو لا يصدق بالنجاة.

وأما الأكراد فإنهم جفلوا إلى رؤوس الجبال وحصنوا الدربندات وسدوا الطرقات، ووصل الرسول إلى خربندا وأعلمه بأن كل ما فعله الغرز كان مكرًا وخديعة حتى خَلَّص نفسه والأكراد، وأن الشيخ لم يجب إلى الطاعة، وأن الغرز وأصحابه كلهم متفقون على ما يريده الشيخ.

فندم خربندا غاية الندم كيف راح الغرز من يده سالمًا وهو قوام الجبل، ثم سار خربندا حتى نزل على كشاف، وهي قلعة خراب على شط نهر الموصل، وسير القُصَّاد إلى نواب بلاده كلهم يطلبهم، وأرسل آخر إلى جوبان يطلبه، وجمع الناس على كشاف.

وحضر جوبان من معه، مثل قراسنقر والزردكاش وبلبان الدمشقي والبيسري، وعمل خربندا مجلسًا عظيما، وجمع الأمراء للمشورة، وأجلس قراسنقر فوق جميع الأمراء وخلع عليه خلعة سنية مكللة بالدر والياقوت وحياصة مجوهرة، ثم قال له: طيب قلبك واشرح صدرك فأنت عندى بمكانة عظيمة، فبكى قراسنقر بكاء شديدا، وبكى معه أصحابه، فقال له خربندا: مم بكاؤك؟ فقال: تذكرت أولادي وتغربت عن أوطاني وأهلي والتجأت إلى جنابك الرفيع وحجابك المنيع، وفي أملي بمواعيدك الحسنة أن أرجع إلى


(١) والكم: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>