للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عسكرنا، وعند دخول الشتاء نروح إلى مصر، وإن أكثر الأمراء بمصر يكاتبونني.

فلما سمع خربندا بذلك تبسم، وقال: هذا هو الصواب، واتفقوا على هذه المشورة، ثم أخذوا في إصلاح أمورهم وتجهيز احتياجاتهم، ورحل خربندا من قلعة كشاف في نصف شعبان المبارك من هذه السنة، وقيل في التي بعدها، وسار يطلب الرحبة.

ثم تقدم قراسنقر، وقال أيد الله الخان، إن رسمت ترسل قصادًا إلى مصر تأتي لنا بالأخبار، فقال: أفعل ما تريد، فجهز خمسة من العرب من أصحاب (١) سليمان بن مهنا، ومعهم نفرًا من أهل رأس العين، وأعطى لهم جملة من الذهب، ووعد لهم بالخير الكثير إذا فتحو البلاد، وكتب معهم كُتُبا إلى ناس، وقال لهم: إياكم والطرق الجادة فربما يدرون بكم فلا يحصل خير، فقال له واحد منهم، يقال له صُمى بن سالم: علىّ أن أسلك بهم في طرقات لا يُرى فيها إنس ولا جن، فقال قراسنقر: هذا هو المقصود

فخرجوا ودخلوا (٢) البراري.

وأما خربندا فإنه سار بمن معه حتى وصل سنجار، ووقعت هجة في تلك البلاد، وكان هناك جماعة ينصحون المسلمين كتبوا إلى نائب الرحبة، بدر الدين الأزكشي - وكان رجلًا كرديًا - بأن خربندا واصل، فجهز هو أيضًا قصادًا من عنده إلى نائب الشام بأن خربندا قد توجه إلى الرحبة، ثم نادى في الرحبة بمجئ التتار والاجتهاد في الاحتراز عنهم، وحصّن الرحبة، وادخر في القلعة شيئًا كثيرًا، وأمر أهل القرى أن لا يخلوا عندهم شيئًا من الحبوبَ فيحولوها إلى مواضع لا تُدرى، وأن يحرقوا الأتبان، ففعلوا ذلك بحيث أن أحدًا لو كان يسير حول الرحبة مسيرة يوم لا يجد شيئًا من الحبوب وغيرها، وكل ما يتجدد الأخبار عند نائب الرحبة يرسل إلى نائب الشام ويُعلمه بذلك.

ولما أرسل نائب الشام الخبر إلى السلطان؛ والأمراء قد ربطوا خيولهم على الربيع، فقال السلطان: يا ليتنا ما ربطنا على الربيع، فطلب الأمراء وقال لهم: هذا كتاب نائب


(١) أصحاب: في هامش الأصل، ومنبه على موضعها بالمتن.
(٢) ودخلوا: في هامش الأصل، ومنبه على موضعها بالمتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>