للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشام يذكر أن عدو الله قاصد إلينا وأنتم تعلمون أني كنت معولًا على السفر حتى أدخل إلى بلاده، وها هو قد عاجلني وخيولنا على الربيع، فإن أخرجناها فلا ننتفع بها، وإن تركنا السفر أخذوا الرحبة، ثم يتوجهون إلى حلب أو غيرها.

فسكت الأمراء، وقال لهم: أنا جمعتكم للمشورة لا للسكوت، ثم تكلم مملوكهـ أرغون الدوادار، الذي هو نائب الديار المصرية، وهو أكبر مماليكهـ، فقال: أيد الله مولانا السلطان، إن العدو وحركته ثقيلة بينما يجئ إلى الرحبة ويقم عليها ويحاصرها وتمانعه أهلها مدة يمضي شهران، ومن اليوم إلى شهرين تأخذ الخيول حقها من الربيع، ثم يخرج مولانا السلطان بعسكر جرار فتكون الدائرة عليهم إن شاء الله تعالى، غير أن مولانا السلطان ينبغي له أن يجرد عساكر الشام إلى حلب وحمص، فالبعض يذهب إلى حلب والبعض يقيمون على حمص.

فقال السلطان: تجريد العسكر على هذا الوجه ليس بوجه لأنها تضعف.

فقام علاء الدين أيدغدي شقير، وقال: أيد الله مولانا السلطان، إذا لم يجرد مولانا السلطان عسكر الشام كلها يجرد بهادر آص وبلبان البدري والإبراهيمي بثلاثة آلاف نفس من عسكر دمشق يروحون إلى حلب، ويكونون عند الأمير سودي نائب حلب، لتقع الأخبار بأن العسكر وصلت إلى حلب.

فقال: هذه مصلحة، وأرسل البريدي في الحال ومعه مرسوم بتجريد هؤلاء الأمراء، ثم بقى السلطان ينتظر الجواب، وإذا بمملوك نائب حلب قد وصل، فأخرج مطالعة سودي نائب حلب يذكر فيها: أنه قد ورد إلينا الأخبار بوصول العدو إلى الرحبة، فبعثنا الكشافة فكشفوا، ثم عادوا وأخبروا أن العدو تفرق اجتماعه، وأن خربندا نزل إلى بغداد.

فطلب السلطان الأمراء، وقرأ عليهم المطالعة، ففرحوا وقالوا: لو كان مولانا السلطان استعجل وخرج بالعساكر المنصورة كانت قد ضعفت وخربت البلاد.

ولما خرج مملوك نائب حلب من عند السلطان، فإذا بمملوك نائب الشام أيضًا قد

<<  <  ج: ص:  >  >>