للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شافى، وما بقى بعد هذا الخبر خبر، ولا يحل لكم أن تخلونا قدام العدو وتجعلونا هدفا للمصائب.

فلما وقف نائب الشام على هذا، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، راحت والله الرحبة، ثم اشتد عضبه، وقال: اطلبوا لي عبد الله، فلما حضر، قال له: يا عدو الله، إش حملك على أنك قلت إن العدو تفرقوا؟ وها هم قد وصلوا إلى الرحبة، فقال قيدوني واحبسوني في القلعة إن طلع خبري كاذبًا.

ثم أركب نائب الشام دواداره إلى مصر، وأركب استاداره إلى الرحبة، وقال له: اذهب واكشف العدو بعينك، [فسار] (١) إلى أن وصل الرحبة، ورأى العدو وقد قطعوا الفرات ونزلوا بقرية على جنب الفرات يقال لها عُشارا فرجع إلى الشام وأخبر النائب بذلك، وقال ليس بحقيق أكثر من ذلك.

وكان السلطان قد بعث أميرًا يقال له: عاقول إلى حلب، ليكشف الأخبار فوصل إلى دمشق يوم وصل استادار نائب (٢) دمشق من الرحبة، ومعه كتاب نائب حلب بأن العدو ما له خبر عندنا، وأرسلت كشافة إلى بلاد ماردين والخابور فلم يروا أحدًا من العدو، وقال استادار نائب الشام: أنا رأيت بعينى هذه خيامهم وهي مضروبة على جنب الفرات، وهم في إصلاح جسور يعدون عليها.

وراح الآتيان إلى مصر، فأخبر كل منهما بما عنده من الخبر، فتعجب السلطان من ذلك، وأنكر على النواب، وأرسل إليهم يستعجزهم، ويقول لهم: إذا كان العدو على الفرات، وأنتم قد عجزتم عن مجرد الخبر، فإش يُرجى منكم؟ والذنب مني أني قد فرطت حيث وليت على البلاد من ليس بكفء.

وأما خربندا فإنه طلب قراسنقر، وقال له: قد قلدتك أمر العساكر ولك التصرف حيث شئت فافعل فيه إصلاحنا، فقال قراسنقر: أيد الله الخان، أبشرك بشارة، فأي


(١) فسارا: في الأصل.
(٢) نائب: بين الأسطر في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>