للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم نزلنا على الرحبة يسلمها إلينا نائبها، ونواب البلاد كلهم نوابي، وأي يوم قطعنا الفرات جاءتنا أمراء الشام جميعهم.

وهو في هذا الحديث مع خربندا، فإذا حاجبه قد دخل، وقال إن سليمان بن مهنا على الباب، ومعه جماعة من العرب من عند مهنا، وهم يقولون إن البلاد خالية من العساكر، فإش الذي يعوق الحان عن أخذ البلاد؟ وأن جميع أمراء دمشق ونواب البلاد قد تجهزوا ينتظرون قدوم الخان.

فتقدم جوبان إلى خربندا وقال له في السر: لا تسمع كلام قراسنقر، ولا كلام مهنا، فإن لهما أغراضًا يريدان أن ينالا إلى أغراضهما بهلاكنا، ولو كان كلامهما صحيحًا بأي شيء يقربا من البلاد، وسيظهر لك صدق كلامي إذا نزلت إلى الشام، فقال له خربندا: كلامك لا يفيد، فإن قراسنقر أخبر منك بهذا الأمر، فتولَّ أنت أمر الجند والمعاملة، وهو يتولى تدبير الأحوال، ثم أمر بالرحيل فرحلوا كالجراد المنتشر، وساروا يطلبون الرحبة، وقراسنقر في أوائل العسكر.

وكان خربندا قد رسم على قراسنقر أمير تومان يقال له: إشن قطلو ومعه عشرة آلاف نفس، من غير أن يعلم به قراسنقر، وكان قال له: اركب معه جملة، وانزل جملة، وعينك عليه ليلًا ونهارًا، وإياك أن تغيب عنه وإلا تروح روحك، وكان معه ليلًا ونهارًا في الرحيل والنزول.

ولما توسط قراسنقر أهله (١)، تذكر أهله وأولاده، وما كان عليه من المملكة والراحة فاضت عيناه بالدموع، ثم أنشأ يقول:

رحلت وأحباب الفؤاد لهم بعدي … علىّ حنين لا يقر ولا يهدى

يهيم إذا ما لاح من سفح حاجر … نسيم صبا هاجت به الريح من بعد


(١) هكذا في الأصل، ويبدو أن كلمة أهله: سبق نظر من الناسخ، ينظر ما يلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>